كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 4)
ورازقُ الجيش، قال تعالى: {وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا} (¬470) وقال: {فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ} (¬471).
وَمَا اسْتُعْمِلَ فِيْهِ وَفِي غَيْرِهِ سوَاءٌ: كالشَّيْءِ وَالْمَوْجُودِ وَالْعَالِمِ وَالْحَيَّ لَيْسَ بِيَمِيْنٍ إِلَّا بنِيَّةٍ، لأنها لَمَّا استعملت فيهما سواءً؛ أشبهت كنايات الطلاق، وهذا ما صححه في الروضة؛ أعني فيما إذا نوى، وصحح الرافعي في الشرح: أنه لا يكون يمينًا، ولو نوى؛ لأن ما يطلق على الباري وغيره ليس بتعظيم ولا حرمة، واليمين إنما تنعقد باسم معظم وهذا مردود، وَالصِّفَةُ: كَوَعَظَمَةِ اللهِ، وَعِزَّتِهِ، وَكِبْرِيَائِهِ، وَكَلاَمِهِ، وَعِلْمِهِ، وَقُدْرَتِهِ، وَمَشِيْئَتِهِ يَمِيْنٌ، لأن هذه لم يزل موصوفًا بها فأشبهت اليمين بأسمائه فتنعقد يمينه بها ولو أطلق، إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِالْعِلْمِ الْمَعْلُومَ، وَبِالْقُدْرَةِ الْمَقْدُورَ، لأنه محتمل.
وَلَوْ قَالَ: وَحَقِّ اللهِ؛ فَيَمِيْنٌ؛ إِلَّا أَنْ يُرِيْدَ الْعِبَادَاتِ، لأن حقَّ الله تعالى، وإن كان يطلق على العبادات التي أمر بها، ويطلق بمعنى استحقاقه الإلهية والتعالي والعظمة؛ لكنه غلب استعماله في اليمين فصرف إليه.
وَحُرُوفُ الْقَسَمِ: بَاءٌ، وَوَاوٌ، وَتَاءٌ: كَبِاللهِ وَوَاللهِ وَتَاللهِ، وَتخْتَصُّ التَّاءُ بِاللهِ تَعَالَى، لأنها لا تدخل إلّا عليه، وَلَوْ قَالَ: اللهَ؛ وَرَفَعَ أَوْ نَصَبَ أو جَرَّ فَلَيْسَ بِيَمِيْنٍ إِلَّا بِنِيَّةٍ، لأنه لا يعرفه إلاّ الخواص، وَلَوْ قَالَ: أَقْسَمتُ؛ أَوْ أُقْسِمُ؛ أَوْ حَلَفْتُ؛ أَوْ أَحْلِفُ بِاللهِ لأَفْعَلَنَّ؛ فَيَمِيْنٌ إِنْ نَوَاهَا أو أَطْلَقَ، لكثرته في الاستعمال، وَإِنْ قَالَ: قَصَدْتُ، أي بما ذَكَرتُ، خَبَرًا مَاضِيًا؛ أَوْ مُستَقبَلًا! صُدَّقَ بَاطِنًا، لاحتمال ما يدَّعيه، وَكَذَا ظَاهِرًا عَلَى الْمَذْهَبِ، لظهور الاحتمال أيضًا، كذا نصَّ عليه، ونصَّ في الإيلاء: أنه إذا قال: أقسمتُ بالله لا وَطِئْتُكِ، ثم قال: أردتُ يمينًا ماضيةً أنه لا يقبل، وللأصحاب ثلاث طرق؛ أظهرها: حكاية قولين فيهما؛ اظهرهما: القبول لما قلناه، والثاني: المنعُ؛ لظهوره في الإنشاء، والطريق الثاني: القطعُ بالمنعِ، وحملَ ما ذكره هنا على القبول باطنًا، والثالث: تقريرُ النَّصَّيْنِ، والفرقُ أن حقَّ الله تعالى مبنيٌّ
¬__________
(¬470) العنكبوت / 17.
(¬471) النساء / 8.