كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 4)
عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: [وَاللهِ لأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا] (¬474)، أما غيره كالصُّعُودِ إلى السماء وقَلْبِ الْحَجَرِ ذَهَبًا، فالأصحُّ: انعقاد يمينه وتلزمه الكفارة في الحال، ولو حلف لا يصعد إلى السماء أو لا يقتل ميتًا؛ فالأصح: عدم انعقاد يمينه.
فَصْلٌ: وَهِيَ مَكْرُوهَةٌ، لأنه جعل الله عرضة ليمينه وقد نهاه عنه، إِلَّا فِي طَاعَةٍ، كالجهاد للحديث السالف [وَاللهِ لأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا]، ويستثنى أيضًا الأيمان الواقعة في الدَّعَاوَى إذا كانت صادقة فإنها لا تكره، وكذا إذا دعت إليها حاجة كتوكيد وتعظيم أمر، فَإِنْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فِعْلِ حَرَامٍ عَصَى، أى بيمينه، وَلَزِمَهُ الْحِنْثُ وَكَفَّارَةَ، لأن الإقامة على هذه الحالة معصية، أَوْ تَرْكِ مَنْدُوبٍ أَوْ فِعْلِ مَكْرُوهٍ, أي كإلتفات في الصلاة ونحوه، سُنَّ حِنْثُهُ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ، لقوله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ: [وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِيْنٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا؛ فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِيْنِكَ] متفق عليه (¬475)، أَو تَرْكِ مُبَاحٍ أَوْ فِعْلِهِ؛ فَالأَفْضَلُ: تَرْكُ الحِنْثِ، لقوله تعالى: {وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} (¬476)، وَقِيلَ: الْحِنْثُ، لينتفع المساكين بالكفَّارة، وَلَهُ تَقْدِيمُ كَفَّارَةٍ بِغَيْرِ صَوْمٍ، أي كالكفارة بالمال، عَلَى حِنْثٍ جَائِزٍ، لأنها وجبت بشيئين يختصَّان بها فجاز تقديمها
¬__________
(¬474) عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا؛ قالَ: قالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: [وَاللهِ لأَغْزُوَنَّ قرَيشًا، وَاللهِ لأغزُونَّ قُرَيشًا، وَاللهِ لأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا] ثُمَّ سَكَتَ فَقَالَ: [إِنْ شَاءَ اللهُ]. رواه ابن حبان في الإحسان: كتاب الأيمان: ذكر نفي الحنث عمن استثنى: الحديث (4328). والبيهقي في السنن الكبرى: كتاب الأيمان: باب الحالف يسكت بين يمينه واستثنائه: الحديث (20494 - 20497). وأبو داود في السنن: كتاب الأيمان والنذور: باب الاستثناء في اليمين: الحديث (3285 و 3286).
(¬475) رواه البخاري في الصحيح: كتاب الأيمان والنذور: باب (1): الحديث (6622)، وكتاب كفارات الأيمان: باب الكفارة قبل الحنث: الحديث (6722) واللفظ له. ومسلم في الصحيح: كتاب الأيمان: باب ندب من حلف يمينًا فرأى غيرها خيرًا منها: الحديث (19/ 1652).
(¬476) النحل / 91.