كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 4)
كِتَابُ النَّذْرِ
النَّذْرُ: هُوَ فِي اللُّغَةِ الْوَعْدُ مُطْلَقًا، وَفِي الشَّرْعِ: الْوَعْدُ بِخَيْرٍ فَقَطْ. وَالأَصْلُ فِيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} (¬488) وَالسُّنَّةُ الشَّهِيْرَةُ، وَالإِجْمَاعُ، وَنَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى كَرَاهِيَتِهِ لِصِحَّةِ النَّهْيِ عَنْهُ، وَأَنَّهُ لا يَأْتِي بِخَيْرٍ وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ مِنَ الْبَخِيْلِ.
وَهُوَ ضَرْبَانِ: نَذْرُ لَجَاجٍ: كَإِنْ كَلَّمْتُهُ! فَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقٌ أَوْ صَوْمٌ، وَفِيْهِ كَفَّارَةُ يَمِيْنٍ، لقوله عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: [كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِيْنِ] رواه مسلم (¬489)، وإنما حمل الأصحاب هذا الحديث على نذر اللجاج؛ لأنه لا خلاف إن نذر التَّبرر لا يكفَّرُ، وَفِي قَوْلٍ: مَا الْتَزَمَ، وفاءً به، وَفِي قَوْلٍ: أَيُّهُمَا شَاءَ, لأنه يشبه النذر من حيث أنَّه التزم قربة، واليمين من حيث أن مقصوده مقصود اليمين ولا سبيل إلى الجمع بين موجبيهما ولا إلى تعطيلهما فوجب التخيير، قُلْتُ: الثَّالِثُ أَظْهَرُهُ وَرَجَّحَهُ الْعِرَاقِيُّونَ، وَاللهُ أَعْلَمُ، لما قلناه.
وَلَوْ قَالَ: إِنْ دَخَلْتُ! فَعَلَيَّ كَفَّارَةُ يَمِيْنٍ أو نَذْرٍ؛ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ بِالدُّخُولِ، للحديث السالف، وقال القاضي حُسين وغيره في الثاني: إنه مُفَرَّعٌ على قول
¬__________
(¬488) الإنسان / 7.
(¬489) رواه مسلم في الصحيح: كتاب النذر: باب كفارة النذر: الحديث (13/ 1645) عن عقبة بن عامر - رضي الله عنه -. وأبو داود في السنن: كتاب الأيمان والنذور: باب من نذر نذرًا لم يسمه: الحديث (3323 و 3324). والترمذي في الجامع: كتاب النذر والأيمان: باب في كفارة النذر: الحديث (1528).