كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 4)
لأن الإمام لم يَرْضَ بنظر غيره.
فَرْعٌ: لو جعل لرجل التزويج والنظر في أمر اليتامى؛ لم يكن له أن يستنيبَ فيه؛ قاله القاضي شُرَيْحٍ في أَدَبِ الْقَضَاءِ له.
وَشَرْطُ الْمُسْتَخْلَفِ كَالْقَاضِي، لأنه نائبه، إِلَّا أَنْ يُسْتَخْلَفَ فِي أَمْرٍ خَاصًّ: كَسَمَاعِ بَيِّنَةٍ فَيَكْفِي عِلْمُهُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ، وَيَحْكُمَ، يعني الخليفة، بِاجْتِهَادِهِ أَوِ اجْتِهَادِ مُقَلَّدِهِ، أي بفتح اللام، إِنْ كَانَ مُقَلِّدًا، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَشْرِطَ عَلَيْهِ خِلاَفَهُ، هذا مَبْنِيٌّ على جواز استخلاف من يخالفه فى الحكم وهو المعروف.
فَائِدَةٌ: القضاةُ الثَّلاَثَةُ حَدَثُواْ في سنة أربع وستين وستمائة مع وجود القاضي تاج الدين ابنُ بنتِ الأَعَزِّ واستمرار ولايته ونظره واستقر في ذلك الوقت في الدولة الظاهرية: أن الشافعي ينفرد بأربعة أشياء: الأوقاف؛ والأيتام؛ والنواب؛ وبيت المال، ويشارك الثلاثة في الباقي (¬502).
فَصْلٌ: وَلَوْ حَكَّمَ، أي بتشديد الكاف، خَصْمَانِ رَجُلًا فِي غَيْرِ حَدَّ اللهِ تعَالَى جَازَ مُطْلَقًا بِشَرْطِ أَهْلِيَّةِ الْقَضَاءِ، لأنه وقع بجمع من الصحابة ولم ينكر أحدٌ (¬503)، وخرج بقوله (فِي غَيْرِ حَدًّ للهِ تَعَالَى) حدُّ الله؛ فإنه لا تحكيم فيه؛ إذ ليس لها طالب معين، وقوله (مُطْلَقًا) أي سواء كان هناك قاضٍ أمْ لم يكن، وسواءً المحكم فيه قصاصًا أو نكاحًا أو غيرهما مما سيأتي، وخرج بالأهلية فاقدها؛ فإن حكمه لا ينفذ
¬__________
(¬502) يريد بالقضاة الثلاثة، قضاة المذاهب الثلاثة من الحنفية والمالكية والحنابلة فضلاً عن قاضي الشافعية.
(¬503) • لأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا تدَارَا فِي حَائِطٍ فَتَحَاكَمَا إِلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رضي الله عنه -. رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب آداب القاضي: باب إنصاف الخصمين: الأثر (21049)، وفي باب القاضي لا يحكم لنفسه: الأثر (12096)، وفي باب ما جاء في التحكيم: الأثر (21098).
• وَلأَنَّ عَلِيَّ - رضي الله عنه - حَكَّمَ فِي الإِمَامَةِ، فَكَانَ التَّحْكِيْمُ فِيْمَا عَدَاهَا أَوْلَى. وَحَكَّمَ أَهْلَ الشُّورَى فِي الْخِلاَفَةِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ. فكَانَ إِجْمَاعًا فِي جَوَازِ التَّحْكِيْمِ.