كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 4)

وَعَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ (¬528)، وَاسْتَنْشَدَ الشَّرِيْدَ شِعْرَ أُمَيَّةَ بْنَ أَبِي الصَّلْتِ وَاسْتَمَعَ إِلَيْهِ (¬529)، إِلَّا أَنْ يَهْجُوَ، في شعره بما هو صادق أو كاذب؛ فإنه لا يباح وتُرَدُّ شهادته، أَوْ يُفْحِشَ، أَوْ يُعَرِّضَ بِامْرَأَةٍ مُعَيَّنَةٍ، فإنها تُرَدُّ شهادته بذلك لما فيه من الإيذاء والإشهار والقذف إِنْ صرَّحَ.
فَصْلٌ: وَالْمُرُوءَةُ تَخَلُّقٌ بِخُلُقِ أمْثَالِهِ فِي زَمَانِهِ وَمَكَانِهِ، وهو أحسن ما قيل في حدها (¬530)، فَالأَكْلُ فِي سُوقٍ، أي وكذا الشرب من سقايات الطريق إلاّ أن يكون
¬__________
= قَالَ ابْنُ سِيْرِيْنَ: وَانْتُدِبَ لِهَجْوِ الْمُشْرِكِيْنَ ثَلاَثَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ: حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ وَكَعْبُ بْنُ مَالِكٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ. فَكَانَ حَسَّانُ وَكَعْبٌ يُعَارِضَانِهمْ بِمِثْلِ قَوْلهِمْ فِي الْوَقَائِعِ وَالأَيَّامِ وَالْمَآثِرِ، وَيُذَكُرَانِ مَثَالِبَهُمْ، وَكَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ يُعَيِّرُهُمْ بِالْكُفْرِ وَعِبَادَةِ مَا لاَ يَسْمَعُ وَلاَ يَنْفَعُ. ينظر ترجمة حسان - رضي الله عنه - في الاستيعاب لابن عبد البر: ج 1 ص 400: الرقم (525) وما بعدها.
(¬528) • عَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ الْخَزْرَجِيّ الأَنْصَارِيّ. يُكَنَّى أَبَا مُحَمَّدٍ، أَحَدُ النُّقَبَاء شَهِدَ الْعَقَبَةَ، وَبَدْرًا؛ وَأُحُدًا، وَالْخَنْدَقَ؛ وَالْحُدَيْبِيَةَ، وَعُمْرَةَ الْقَضَاءِ؛ وَالْمَشاهِدَ كُلَّهَا إِلَّا الْفَتْحَ وَمَا بَعْدَهُ، لأَنَّهُ قُتِلَ شَهِيْدًا يَوْمَ مُؤْتَةَ. ترجمته في الاستيعاب: الرقم (1548).
• عَنِ أَنَسٍ قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَكَّةَ؛ فَقَامَ أَهْلُهَا سِمَاطَيْنِ يَنْظُرُونَ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَإِلَى أَصْحَابِهِ، قَالَ: وَابْنُ رَوَاحَةَ يَمْشِي بَيْنَ يدَي رِسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ ابْنُ رَوَاحَةَ:
خَلَّو بَنِي الْكُفَّارِ عَنْ سَبِيْلِهِ ... فَالْيَوْمَ نَضْرِبُكُمْ عَلَى تَنْزِيْلِهِ
ضَرْبًا يُزِيْلُ الْهَامَ عَنْ مَقِيْلِهِ ... وَيُذْهِلُ الْخَلِيْلَ عَنْ خَلِيْلِهِ
يَا رَبِّ إِنِّي مُؤْمِنُ بِقِيْلِهِ
فَقَالَ عُمَرُ - رضي الله عنه -: يَا ابْنَ رَوَاحَةَ أَفِي حَرَمِ اللهِ، وَبَيْنَ يَدَي رَسُولِ اللهِ تَقُولُ الشِّعْرَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: [مَهْ يَا عُمَرُ! فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَكَلاَمُهُ أَشَدُّ عَلَيْهِمْ مِنْ وَقْعِ النَّبْلِ]. رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب الشهادات: الحديث (21641).
(¬529) عَنْ عَمْرو بْنِ الشَّرِيْدِ عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: أرْدَفَنِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: [هَلْ مَعَكَ مِنْ شِعْرِ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ شَيْءٌ؟ ] قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ! قَالَ: [هِيهِ] قَالَ: فَأَنْشَدْتُهُ بَيْتًا! فَقَالَ: [هِيهِ] فَأَنْشَدْتُهُ حَتَّى بَلَغْتُ مِائَةَ بَيْتٍ. رواه البيهقي في السنن: كتاب الشهادات: الحديث (21631).
(¬530) • عَنِ طَلْحَةَ بْنِ كَرِيْزٍ الْخُزَاعِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: [إِنَّ اللهَ كَرِيْمٌ يُحِبُّ =

الصفحة 1832