كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 4)

منه فإنها مهمة، وَيُشْتَرَطُ لِلزِّنَا أَرْبعَةُ رِجَالٍ، لقوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ ... } الآية (¬534)، وَلِلإِقْرَارِ بِهِ إثْنَانِ فِي الأَظْهَرِ، كغيره من الأقارير، وَفِي قَوْلٍ: أَرْبَعَةٌ، لأنه إقرار بفعل فلا يثبت إلَّا بما يثبت به ذلك الفعل لاستوائهما في الموجب، وَلِمَالٍ وَعَقْدٍ مَالِيِّ كَبَيْعٍ وَإِقَالَةٍ وَحَوَالَةٍ وَضَمَانٍ، وَحَقٍّ مَالِيٍّ كَخِيَارٍ وَأَجَلٍ: رَجُلاَنِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ، لقوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} (¬535) فكان على عمومه إلّا ما خَصَّهُ دَلِيْلٌ. ولا تثبت بشهادة النساء وحدهن لظاهر الآية، وَلِغَيْرِ ذَلِكَ، أى مما ليس بمالٍ ولا يقصد منه مال، مِنْ عُقُوبَةٍ للهِ تَعَالَى، أي كحد الشرب وقطع الطريق والقتل بالردة، أَوْ لآدَمِيٍّ، أي كقصاص وَحَدِّ قَذْفٍ، وَمَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ رِجَالٌ غَالِبًا كَنِكَاحٍ؛ وَطَلاَقٍ؛ وَرَجْعَةٍ؛ وَإِسْلاَمٍ؛ وَرِدَّةٍ؛ وَجَرْحٍ؛ وَتَعْدِيْلٍ؛ وَمَوْتٍ؛ وَإِعْسَارٍ؛ وَوَكَالَةٍ وَوِصَايَةٍ؛ وَشَهَادَةٍ عَلَى شَهَادَةٍ: رَجُلاَنِ، أما في العقوبات؛ فلقول الزُّهْرِيِّ: (مَضَتِ السُّنَّةُ مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَالْخَلِيْفَتَيْنِ مِنْ بَعْدِهِ أَنْ لاَ تُقْبَلَ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ) (¬536). وأما فيما يطلع عليه الرجال غالبًا؛ فلأن الله تعالى نصَّ في الشهادة فيما سوى الأموال على الرجال دون النساء في ثلاثة مواضع: في الطلاق؛ والرجعة؛ والوصية (¬537)، ونص عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ في النكاح، وقال ابن شهاب: (مَضَتِ
¬__________
(¬534) النور / 4: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}.
(¬535) البقرة / 282.
(¬536) رواه ابن أبي شيبة في الكتاب المصنف: كتاب الحدود: باب في شهادة النساء في الحدود: النص (28705).
(¬537) • نصَّ الله في الشهادة في الطلاق والرجعة على الرجال دون النساء في قوله عَزَّ وَجَلَّ: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ ... وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ} [الطلاق / 1 - 2] فطلاقهن وإمساكهن إذا بلغن أجلهن اقترن بوجوب الشهادة عليه من ذوي عدل.
• أما الوصية فهي في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ =

الصفحة 1837