كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 4)

مرض الموت ولم يخرج من الثلث إلّا نصيبه فلا سراية، وكذا إذا خرج نصيبه وبعض نصيب شريكه فلا سراية في الباقي، وَالْمَيَّتُ مُعْسِرٌ، فَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ نَصِيْبِهِ، أي بعد موته، لَمْ يَسْرِ، أي وإن خَرَّجَ كُلَّهُ من الثُّلُثِ؛ لأن المال ينتقل بالموت إلى الوارث ويبقى الميت معسرًا ولا يقوم على من لا يملك شيئًا وثبت نفوذ العتق في نصيبه، بل لو كان العبد له فأوصى باعتاق نصيبه لم يسر، وكذا لو دبر أحدهما نصيبه.
فَصْلٌ: إِذَا مَلَكَ أَهْلُ تَبَرُّعٍ أصْلَهُ أوْ فَرْعَهُ عَتَقَ، , أما في الأصول فلقوله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: [لاَ يُجْزِئُ وَلَدٌ وَالِدَهُ إِلَّا أنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ] رواه مسلم (¬557)، وقوله فَيُعْتِقَهُ أي بالشراء، قال ابن الرفعة: وهذه الرواية محمولة على الأخرى فيعتق عليه، وأما في الفروع فلقوله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} (¬558) فدل على امتناع اجتماع الْبُنُوَّةِ وَالْمِلْكِ، وشمل قوله (أَصْلَهُ أوْ فَرْعَهُ) الذكور منهما والإناث عَلَواْ أو سَفَلوا؛ مُلِكوا قهرًا أو اختيارًا؛ وخرج ما عداهما من الأقارب، فإنهم لا يعتقون بالملك، ولو ملك أصله أو فرعه من الرضاع لم يعتق بالاجماع، وخرج بأهل تبرع الصبي والمجنون، وسنذكره على الأثر، نَعَمْ؛ لو أوصى له ببعض من يعتق على وارثه بأن أوصى له ببعض ابن أخيه فمات وقبل الأخ الوصية عتق الشقض ولا سراية على الأصح. وكذا إذا باع ابن أخيه بثوب ومات ووارثه أخوه كما سلف في الفصل قبله، ولو ملك ابن أخيه ومات وهو معسر وعليه دين مستغرق وورثه أخوه فقط، وقلنا الدَين لا يمنع الارث كما هو الأصح، فإن الأخ يملك ابنه ولا يعتق عليه، ولو كان الوارث غير الأخ ممن يعتق عليه العبد فأعتقه والحالة هذه وهو مُعسر لم يعتق على الأصح، كما رجحه الإمام، وَلاَ يَشْتَرِي لِطِفْلٍ قَرِيْبَهُ، أي الذي يعتق عليه؛ لأنه يعتق عليه وقد يطالب بالنفقة، وفي ذلك اضرار فإن اشترى فباطل، وَلَوْ وَهَبَ لَهُ أوْ وَصَّى لَهُ، فَإِنْ كَانَ كَاسِبًا فَعَلَى الْوَلِيِّ قَبُولُهُ، وَيَعْتِقُ وَيُنْفِقُ مِنْ كَسْبِهِ، لانتفاء الضرر وحصول الكمال للاب،
¬__________
(¬557) في الصحيح: كتاب العتق: باب فضل عتق الوالد: الحديث (25/ 1510).
(¬558) الأنبياء / 26.

الصفحة 1872