كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 4)

ويخالف شراء الكافر للمسلم؛ لأن الكفر يمنع الملك للعبد المسلم، أوْ بِمُحَابَاةٍ فَقَدْرَهَا كَهِبَةٍ، أي فيأتي الخلاف فيما لو وهب منه، وَالْبَاقِي مِنَ الثُّلُثِ، وَلَوْ وَهَبَ لِعَبْدٍ بَعْضَ قَرِيْبِ سَيِّدِهِ؛ فَقَبِلَ؛ وَقُلْنَا: يَسْتَقِلُّ بِهِ، أي بالقبول دون مراجعة السيد، عَتَقَ وَسَرَى، وَعَلَى سَيِّدِهِ قِيْمَةُ بَاقِيْهِ، لأن قبوله حينئذ كقبول سيده شرعًا، قال في الروضة وهذا مشكل وينبغي أن لا يسري؛ لأنه دخل في ملكه قهرًا بالارث، وهذا الاشكال الذى ذكره هو المذهب في الروضة تبعًا للرافعي في أثناء الباب الثاني من الكتابة وقالا: إن السراية وهو ما جزما بها؛ وهنا وجه غريب عن البسيط؛ وإن لم يوجد في النهاية، وهذا من الغرائب فَتَنَبَّهْ لَهُ.
فَصْلٌ: أَعْتَقَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَبْدًا لاَ يَمْلِكُ غَيْرَهُ عَتَقَ ثُلُثُهُ، لأنه تبرعٌ والتبرعات تعتبر منه كما سلف في الوصايا، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لَمْ يَعْتَقْ شَيْءٌ مِنْهُ، لأن العِتْقَ وَصِيَّةٌ والدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عليها، وَلَوْ أَعْتَقَ ثَلَاثَةً لاَ يَمْلِكُ غَيرَهُمْ، قِيْمَتُهُمْ سَوَاءٌ عَتَقَ أَحَدُهُمْ بِقُرْعَةٍ، لحديث عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ في ذلك أخرجه مسلم (¬559)، وَكَذَا لَو قَالَ: أَعْتَقْتُ ثُلُثَكُمْ أَوْ ثُلُثُكُمْ حُرٌّ، لتمييز الْحُرِّ من غيره، وَلَوْ قَالَ: اَعْتَقْتُ ثُلُثَ كُلِّ عَبْدٍ أُقْرِعَ، لأن العبيد له على الخلوص، وإعتاق بعض العبد الخالص كاعتاق كله وصا كما لو قال: أَعْتَقْتُكُمْ، وَقِيْلَ: يَعْتِقُ مِن كُلًّ ثُلُثُهُ، أي ولا إقراع لتصريحه بالتبعيض، وَالْقُرْعَةُ أَنْ يُؤْخَذَ ثَلاَثُ رِقَاعٍ مُتَسَاوِيَةٍ، يُكْتَبُ فِي ثِنْتَيْنِ رِقٌّ، وَفِي وَاحِدَةٍ عِتْقٌ، وَتُدْرَجُ فِي بَنَادِقَ كَمَا سَبَقَ، أي في باب القسمة، وَتُخْرَجُ وَاحِدَةٌ بِاسْمِ اَحَدِهِمْ، فَإِنْ خَرَجَ الْعِتْقُ عَتَقَ وَرَقَّ الآخَرَانِ، أَوِ
¬__________
(¬559) عن عِمرانَ بنِ حُصَيْنٍ؛ (أنَّ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ أَعْتَقَ سِتَّةَ مَمْلُوكِيْنَ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُمْ؛ فَدَعَا بِهِمْ رَسُوْلُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَجَزَّأَهُمْ أَثْلاَثًا؛ ثُمَّ أَقْرَعَ بَيْنَهُم؛ فَأَعْتَقَ اثْنَيْنِ وَأَرَقَّ أَرْبَعَةً؛ وَقَالَ لَهُ قَوْلًا شَدِيْدًا). رواه مسلم في الصحيح: كتاب الأيمان: باب من أعتق شركًا له في عبد: الحديث (56 و 57/ 1668). وأبو داود في السنن: كتاب العتق: باب فيمن أعتق عبيدًا: الحديث (3958). والترمذي في الجامع: كتاب الأحكام: الحديث (1364)، وقال: حديث حسن صحيح.

الصفحة 1874