كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 4)

ظاهر الخبر المذكور مع الحديث الآخر أنه لا يورث، وقد أسلف المصنف ذلك في الفرائض أيضًا، فَإِنْ عَتَقَ عَلَيْهَا أَبُوهَا ثُمَّ أَعْتَقَ عَبْدًا فَمَاتَ بَعْدَ مَوْتِ الأَبِ بِلاَ وَارِثٍ فَمَالُهُ لِلْبِنْتِ، لأنها معتقة المعتق، وَالْوَلاَءُ لأَعْلَى الْعَصَبَاتِ، لقول عمر وعثمان (بِالْوَلاَءِ لِلْكُبْرِ) وهو بضم الكاف وسكون الباء أكبرُ الجماعةِ (¬562)، فإن كان له عصبة كأخ وابن عم قريب أو بعيد فميراث العتيق (•) له؛ لأنه عصبة المعتق بالنسب، ولا شيء للبنت؛ لأنها معتقة المعتق، ومعتق المعتق يتأخر عن عصبة النسب، قال الشيخ أبو علي: وسمعت بعض الناس يقول: أخطأ في هذه المسألة أربعمائة قاضٍ، قال: لأنهم رأوها أقرب؛ وهي عصبة له بولائها عليه.
وَمَن مَسَّهُ رِقٌّ فَلاَ وَلاَءَ عَلَيْهِ إِلاَّ لِمُعْتِقِهِ وَعَصَبَتهِ، أي فإن لم يوجد فالمال لبيت المال ولا ولاء عليه لمعتق الأصول بحال، فإنه أعتق مباشرة، وولاء المباشرة أقوى وصورته أن تلد رقيقته رقيقًا من رقيق أو حر، وأعتق الولد وأعتق أبوه وأمه أيضًا، وَلَوْ نَكَحَ عَبْدٌ مُعْتَقَةً فَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَوَلاَؤُهُ لِمَوْلَى الأُمِّ، لأنه المنعم عليه فإنه عتق بإعتاق أُمه، فَإِنْ أَعْتَقَ الأَبُ انْجَزَّ، أي من موالي الأم، إلَى مَوَالِيْهِ، لأن الولاء فرع النسب، والنسب معتبر بالأب، وإنما يثبت (•) لموالي الأُم لعدم الولاء من جهة الأب فإذا ثبت الولاء من جهة الاب عاد إلى موضعه.
وَلَوْ مَاتَ الأَبُ رَقِيْقًا وَعَتَقَ الْجَدُّ انْجَرَّ إِلَى مَوَالِيْهِ، لأنه كالأب في النسب والتعصيب، فَإِنْ أَعْتَقَ الْجَدَّ وَالأَبُ رَقِيْقٌ انْجَرَّ، لما ذكرناه، فَإِنْ أعْتَقَ الأَبُ بَعْدَهُ انْجَرَّ إِلَى مَوَالِيْهِ، لأن الجد إنما نُجِرَّهُ لكون الأب رقيقًا، فإذا عتق كان أولى بِالْجَرِّ، وَقِيْلَ: يَبْقَى لِمَوَالِي الأُمِّ حَتَّى يَمُوتَ الأَبُ فَيَنْجَرُّ إِلَى مَوَالِي الْجَدِّ، لأنه إنما ينجرُّ
¬__________
(¬562) الأثر عن ابن المسيب: أن عمر وعثمان رضي الله عنهما قالا: (الْوَلاَءُ لِلْكُبْرِ). رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب الولاء: باب الولاء للكبر: الأثر (22108)، وأخرج أيضًا أثارًا لغيرهما من الصحابة فهو أقرب إلى الإجماع منهم رضي الله عنهم.
(•) في النسخة (2): العتق.
(•) في النسخة (2): نسب.

الصفحة 1877