كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 4)

فَصْلٌ: وَتَصِحُّ كِتَابَةُ بَعْضِ مَنْ بَاقِيْهِ حُرٌّ، لاستغراقها الرق منه، فَلَوْ كاَتَبَ كُلّهُ صَحَّ فِي الرَّقَّ فِي الأَظْهَرِ، أي من قولي تفريق الصفقة ويبطل في بعض الحر جزمًا، وَلَوْ كَاتَبَ بَعْضَ رَقِيْقٍ فَسَدَتْ إِنْ كَانَتْ بَاقِيْهِ لِغَيْرِهِ وَلَمْ يأْذَنْ، لعدم الاستقلال، قال في الدقائق: وقولي فسدت هو مراد الْمُحَرَّر بقوله فالكتابة باطلة وقد تَجَوَّزَ في ذلك، ومراده أنها فاسدة، قال: (وَالْبَاطِلُ وَالْفَاسِدُ مِنَ الْعُقُودِ عِنْدَنَا سَوَاءٌ فِي الْحُكْمِ، إِلَّا فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا الْحَجُّ وَالْخُلْعُ وَالْعَارِيَةُ وَالْكِتَابَةُ) (¬567)، وَكَذَا إِنْ أَذِنَ أَوْ كَانَ لَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ، أما في الأُولى؛ فلأن الشريك الآخر يمنعه من التردد والْمُسَافَرَةِ، ولا يمكن أن يصرف إليهم سهم المكاتبين على الصحيح، ووجه مقابله: استقلاله باعتاق ذلك البعض، فكذا الكتابة، وحاصل الخلاف فيها حكاية طريقين أصحهُّما قولان؛ أصحُّهما: المنع، والثاني: الصحة، والطريقة الثانية: القطع بالمنع، وحَذَفَها من الروضة واقتصر على حكاية القولين، وأما في الثانية: وهي ما إذا كان الباقي له، فلأن المكاتب يحتاج إلى التردد حضرًا وسفرًا لاكتساب النجوم، ولا يستقل بذلك، وإذا كان بعضه رقيقًا لا يحصل مقصود الكتابة، وأيضًا فلا يمكن أن يصرف إليه سهم المكاتبين على الصحيح؛ لأنه يصير بعضه ملكًا لمالك الباقي، فإنه من اكتسابه بخلاف ما إذا كان باقيه حُرًّا, هذا هو المنصوص، وخرَّجَ فيه ابن سريج قولًا آخر من الأُولى، والجمهور على القطع بالأول.
فَرْعٌ مُسْتَثْنًى: أوصى بكتابة عبد فلم يخرج من الثلث إلّا بعضه، ولم تَجُزِ الورثة، فالأصح: أنه يُكَاتَبُ ذلك القَدْرُ، وبه جزم الحاوي الصغير.
وَلَوْ كَاتَبَاهُ مَعًا أَوْ وَكَّلاَ، من كاتبه أو وَكَّلَ أحدهما الآخر، صَحَّ إِنِ اتَّفَقَتِ النُّجُومُ، أي جنسًا وعددًا وأجلًا، وَجُعِلَ الْمَالُ عَلَى نِسْبَةِ مِلْكَيْهِمَا، لئلا يؤدي إلى انتفاع أحدهما بملك الآخر، فإن اختلفت النجوم في الجنس أو قدر الأجل أو العدد أو شرطا التساوي في النجوم مع التفاوت في الملك أو بالعكس، ففي صحة الكتابة
¬__________
(¬567) ينظر: دقائق المنهاج: ص 77.

الصفحة 1888