كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 4)

القولان فيما إذا انفرد أحدهما بكتابة نصيبه باذن الآخر، وقيل: يبطل قطعًا، لأنا لو جَوَّزْنَا ذلك لزم أن ينتفع أحدهما بملك الآخر.
فَرْعٌ: لا يشترط تساوي الشريكين في ملك العبد الذي يكاتبانه على الصحيح.
فَلَوْ عَجَزَ فَعَجَّزَهُ أَحَدُهُمَا، وَأَرَادَ الآخَرُ إِبْقَاءَهُ، يعني العقد، فَكَابْتِدَاءِ عَقْدٍ، أي فلا يجوز بغير إذن الشريك وكذا بإذنه على المذهب كما مرَّ، وَقِيْلَ: يَجُوزُ، هذا جعله الرافعي طريقة لا وجهًا، وكذا في الروضة قال الرافعي: ومنهم من قطع بالجواز بالإذن، لأن الدوام أقوى من الابتداء، وَلَوْ أَبْرَأَ، أي أحد الشريكين، مِنْ نَصِيْبِهِ أَوْ أَعْتَقَهُ عَتَقَ نَصِيْبَهُ، وَقُوِّمَ الْبَاقِي إِنْ كَانَ مُوْسِرًا، أما في العتق فلما سلف في بابه، وأما في الإبراء فلأنه أبرأه عن جميع ما يستحقه، فأشبه ما لو كاتب جميعه وأبرأه عن النجوم قبل وقت السراية في الحال، والأظهر لا بل إن أدَّى نصيب الآخر من النجوم عتق عن الكتابة وكان الولاء بينهما، وإن عجز وعاد إلى الرق ثبتت حينئذ ويكون الولاء للمعتق.
فَصْلٌ: يَلْزَمُ السَّيِّدَ، أي في الكتابة الصحيحة، أَنْ يَحُطَّ عَنْهُ جُزْءًا مِنَ الْمَالِ، أَوْ يَدْفَعَهُ إِلَيْهِ، أي بعد أخذ النجوم ليستعين به لقوله تعالى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} (¬568) وروي الْحَطُّ عن الصحابة قولًا وفعلًا (¬569)، وَالْحَطُّ أَوْلَى، أي
¬__________
(¬568) النور / 33.
(¬569) • عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ قَالَ: (كَاتَبَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ غُلاَمًا لَهُ يُقَالُ لَهُ (شَرَفًا) عَلَى خَمْسَةٍ وَثلاَثِيْنَ أَلْفِ دِرْهَمٍ؛ فَوَضَعَ لَهُ مِنْ آخِرِ كِتَابَتِهِ خَمْسَةَ آلاَفِ دِرْهَمٍ)، ولم يذكر نافع أنه أعطاه شيئًا ما غير الذي وضع له. رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب المكاتب: باب تفسير {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ}: الأثر (22295).
• عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ مَوْلَى أَبِي أَسِيْدٍ (أَنَّهُ كَاتَبَ مَوْلَى لَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَمِائَتَي دِرْهَمٍ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُ بِمُكَاتَبَتِي فَرَدَّ عَلَيَّ مِائَتَي دِرْهَمٍ). رواه البيهقي في السنن الكبرى: الأثر (22297).
• عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فِي تَفْسِيْرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ =

الصفحة 1889