كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 4)

إلى احتمال العلوق في الرق تغليبًا للحرية، وإن لم يطأها بعد الحرية فالاستيلاد على الخلاف، هذا ما صححه البغوي وقال آخرون يثبت مطلقًا.
فَصْلٌ: وَلَوْ عَجَّلَ، يعني المكاتب، النُّجُومَ لَمْ يُجْبَرِ السَّيِّدُ عَلَى الْقَبُولِ إِنْ كَانَ لَهُ مِنَ الاِمْتِنَاعِ غَرَضٌ كَمُؤْنَةِ حِفْظِهِ، أي كالطعام الكثير، أَوْ خَوْفٍ عَلَيْهِ، أي بأن كان زمن نهب أو إغارة لما في الإجبار من الضرر والحالة هذه، ولو أنشأ العقد في أثناء الفتنة والإغارة لم يجبر أيضًا على الأصح لأنها قد تزول عند المحل، وَإِلاَّ، أي وإن لم يكن له غرض في الامتناع، فَيُجْبَرُ، فَإِنْ أَبَى قَبَضَهُ الْقَاضِي، لأثر عمر في سنن البيهقي (¬573) ويعتق المكاتب، وَلَوْ عَجَّلَ بَعْضَهَا، أي بعض النجوم، لِيُبْرِئَهُ مِنَ الْبَاقِي فَأَبْرَأَ لَمْ يَصِحَّ الدَّفْعُ وَلاَ الإِبْرَاءُ، لأنه قد يضارع ربا الجاهلية، وإذا لم يصحا لا يحصل العتق وعلى السيد رد المأخوذ، وَلاَ يَصِحُّ بَيْعُ النُّجُومِ، لأنه بيع ما لم يقبض، وَلاَ الاِعْتِيَاضُ عَنْهَا، قلت: كذا صححه الرافعي في شرحه وفاقًا للبغوي لكن الذي نص عليه الشافعي في الأم في باب قطاعة المكاتب الجواز، فَلَوْ بَاعَ، أي النجوم، وَأَدَّى، المكاتب، إِلَى الْمُشْتَرِي لَمْ يَعْتِقْ فِي الأَظْهَرِ، لأنه يقبض لنفسه، والثاني: يعتق لأنَّ السيد سلطه على القبض فأشبه الوكيل، فإن أدى إلى السيد عتق لا محالة.
وَيُطَالِبُ السَّيِّدُ الْمُكَاتَبَ، وَالْمُكَاتَبُ الْمُشْتَرِي بِمَا أَخَذَ مِنْهُ، وَلاَ يَصِحُّ بَيْعُ رَقَبَتِهِ فِي الْجَدِيْدِ، لأنَّ الكتابة عقد يمنع من استحقاق الكسب وارش الجناية فيمنع
¬__________
(¬573) عَنْ أَبِي سَعِيْدٍ الْمُقْبُرِىِّ عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: (اشْتَرَتْنِي امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ بِسُوق ذِي الْمَجَازِ بِسَبْعِمِائَةِ دِرْهَمٍ؛ ثُمَّ قَدِمْتُ الْمَدِيْنَةَ؛ فَكَاتَبَتْنِي عَلَى أَرْبَعِيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ؛ فَأَدَّيْتُ إِلَيْهَا عَامَّةَ ذَلِكَ؛ قَالَ: ثُمَّ حَمَلْتُ مَا بَقِيَ إِلَيْهَا. فَقُلْتُ: هَذَا مَالُكِ فَاقْبِضِيْهِ. قَالَتْ: لاَ وَاللهِ، حَتَّى آخُذُهُ مِنْكَ شَهْرًا بِشَهْرٍ وَسَنَةً بِسَنَةٍ. فَخَرَجْتُ بِهِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه -؛ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ. فَقَالَ عُمَرُ: (إِدْفَعْهُ إِلَى بَيْتِ الْمَالِ) ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهَا؛ فَقَالَ: (هَذَا مَالُكِ فِي بَيْتِ الْمَالِ، وَقَدْ عَتَقَ أَبُو سَعِيْدٍ، فَإِنْ شِئْتِ فَخُذِي شَهْرًا بِشَهْرٍ وَسَنَةً بِسَنَةٍ) قَالَ: فَأَرْسَلَتْ فَأَخَذَتْهُ). رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب المكاتب: باب تعجيل الكتابة: الأثر (22330)، وقال: قال أبو بكر النيسابوري: هذا حديث حسن.

الصفحة 1893