كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 4)

بجنونهما؛ لجوازها من الطرفين كالوكالة ولا يبعد ترجيحه، والثالث: لا فيهما؛ لأنَّ المغلب فيها التعليق وهو لا يبطل به.
فَصْلٌ: وَلَوِ ادَّعَى كِتَابَةً فَأَنْكرَ سَيِّدُهُ أَوْ وَارِثُهُ صُدِّقَا، عملاً بالأصل، وَيَحْلِفُ الْوَارِثُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ، وَلَوِ اخْتَلَفَا فِي قَدْرِ النُّجُومِ أَوْ صِفَتِهَا تَحَالَفَا، كما في البيع وغيره كما سلف، ثُمَّ إِنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَ مَا يَدَّعِيْهِ لَمْ تَنْفَسِخِ الْكِتَابَةُ فِي الأَصَحِّ، بَلْ إِنْ لَمْ يَتَّفِقَا فَسَخَ الْقَاضِي، والثاني: ينفسخ وهو كالخلاف السالف في اختلاف المتبايعين، وَإِنْ كَانَ قَبَضَهُ وَقَالَ الْمُكَاتَبُ: بَعْضُ الْمَقْبُوضِ وَدِيْعَةٌ عَتَقَ وَرَجَعَ هُوَ بِمَا أَدَّى، وَالسَّيِّدُ بِقِيْمَتِهِ، وَقَدْ يَتَقَاصَّانِ، أي إن وجد شرطه، وَلَوْ قَالَ: كَاتَبْتُكَ وَأَنَا مَجْنُونٌ أَوْ مَحْجُورٌ عَلَيَّ فَأَنْكَرَ الْعَبْدُ صُدِّقَ السَّيِّدُ إِنْ عُرِفَ سَبْقُ مَا ادَّعَاهُ، لقوة جانبه بذلك، وَإِلاَّ فَالْعَبْدُ، لضعفه.
وَلَوْ قَالَ السَّيِّدُ: وَضَعْتُ عَنْكَ النَّجْمَ الأَوَّلَ أَوْ قَالَ الْبَعْضَ، فَقَالَ: بَلِ الآخَرَ أَوِ الْكُلَّ صُدِّقَ السَّيِّدُ، لأنه أعْرَف بارادته، وَلَوْ مَاتَ عَنِ ابْنَيْنِ وَعَبْدٍ فَقَالَ: كَاتَبَنِي أَبُوكُمَا، فَإِنْ أَنْكَرَا صُدِّقَا، أي بيمينهما على نفي العلم بكتابة الأب، وَإِنْ صَدَّقَاهُ فَمُكَاتَبٌ، عملًا بقولهما، فَإِنْ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيْبَهُ، فَالأَصَحُّ: لاَ يَعْتِقُ، بَلْ يُوْقَفُ، فَإِنْ أَدَّى نَصِيْبَ الآخَرِ عَنَقَ كُلُّهُ وَوَلاَؤُهُ لِلأَبِ، فَإِنْ عَجَزَ قُوِّمَ عَلَى الْمُعْتِقِ إِنْ كَانَ مُوْسِرًا، أي وبطلت كتابة الأب، وكان ولاء الكل له، وَإِلاَّ، أي وإن كان معسرًا، فَنَصِيْبُهُ حُرٌّ وَالْبَاقِي مِنْهُ قَنٌّ لِلآخَرِ، قُلْتُ: بَلِ الأَظْهَرُ الْعِتْقُ، وَاللهُ أَعْلَمُ، قال الرافعي: وهو المشهور الذي أطلقه عامة الاصحاب، وتبع في الْمُحَرَّرِ البغويَّ فإنَّه صححه، وَإِنْ صَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا فَنَصِيْبُهُ مُكَاتَبٌ، أي ولا يضر التشقيص للضرورة، وَنَصِيْبُ الْمُكَذِّبِ قَنٌّ، لأنَّ القولَ قولُه بيمينه، فَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمُصَدِّقُ، فَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مُوْسِرًا، وطريقة الأكثرين فيه حكاية قولين، ومنهم من قطع بالسراية في الحال؛ لأنَّ منكر الكتابة يقول هو رقيق لهما، فإذا أعتق صاحبه فَتَثْبُتُ السِّرَايَةُ بقولهِ.

الصفحة 1898