كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 1)
فَرْعٌ: مَن نذرَ أن يستسقي فَسُقِيَ، قال الشافعيُّ فِي الأُمِّ: عليه أن يستسقي لنفسه؛ فإن لم يفعل؛ فعليه القضاءُ وليس عليه الخروج بالناس لأنه لا يملكهم، ويستحب أن يخرج بمن أطاعه منهم (¬769).
وَيَأْمُرُهُمُ الإِمَامُ بِصِيَامِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ أَوَّلًا، لأنه مَعُونَةٌ على رياضة النفس وخشوع القلب، ويجب عليهم الصوم والحالة هذه، كما صرح به المصنف فِي فتاويه، وحكى ابن التلمساني خلافًا فِي أن فرض الكفاية هل يتعين على من يعيِّنه الإمام أم لا؟ ويبني عليه مطالبته بالكَفَّارَةِ وَالنَّذْرِ، وَالتَّوْبَةِ، وَالتَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ تَعَالَى بِوُجُوهِ الْبِرِّ، وَالْخُرُوجِ مِنَ الْمَظَالِمِ، لأنه أرجى للإجابة وقد يكون منع الغيث بسبب هذه الأمور؛ والخروج من المظالم من جملة التوبة، ونصَّ عليها لِعِظَمِ شأنها، وَيَخْرُجُونَ إِلى الصَّحْرَاءِ، تأسيًا به عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ، قال الخفاف من قدماء أصحابنا فِي خصاله: إلّا بمكة وهو حسن، ولم أرَ من تعرض له سواهُ.
فَرْعٌ: عند المالكية حكاية خلاف فِي التكبير عند الخروج إلى الصحراء كالعيد، ولم أرهُ عندنا والظاهر منعه لعدم وروده هنا.
فِي الرَّابِعِ صِيَامًا، لأن دعاؤُه لا يُرد كما صححه ابن حبان (¬770)، فِي ثِيَابٍ بِذْلَةٍ، وَتَخَشُّعٍ، لأنهُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ خَرَجَ إِلَى الاِسْتِسْقَاءِ مُتَبَذِّلًا مُتَوَاضِعًا مُتَضَرِّعًا، صححه الترمذي (¬771)، والبِذْلَةُ: بكسر الباء وإسكان الذال المعجمة ثِيَابُ
¬__________
(¬769) الأم للشافعي: كتاب الاستسقاء: باب المطر قبل الاستسقاء: ج 1 ص 249.
(¬770) عن أبى هريرة - رضي الله عنه -؛ قال: قال رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: [ثَلاَثَةٌ لاَ تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ، وَالإِمَامُ الْعَادِلُ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ]. رواه ابن حبان فِي الإحسان: كتاب الصوم: باب فضل الصوم: الحديث (3419). وعند الترمذي فيه: [وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا الله فَوْقَ الْغَمَامِ وَيَفْتَحُ لَهَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ وَيَقُولُ الرَّبُّ وَعِزَّتِي لأَنْصُرَنَّكَ وَلَوْ بَعْدَ حِيْنٍ] رواه الترمذي فِي الجامع: كتاب الدعوات: الحديث (3598)، وقال: هذا حديث حسن.
(¬771) عن هشام بن إسحاق عن أبيه، قال: أَرسلني الوليد بن عقبة (وهو أمير المدينة) إلى ابن عباس أَسْأَلُهُ عَنِ اسْتِسْقَاءِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ فَأَتَيْتُهُ، فَقَالَ: (إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ =