كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 1)
الْمُحْتَضِرُ، أي وهو من حضره الموت ولم يمت (¬789)، لِجَنْبِهِ الأَيْمَنَ إِلَى الْقِبْلَةِ عَلَى الصَّحِيحِ، كالموضوع فِي اللحد، لأنه أبلغُ فِي الاستقبال، فَإِنْ تَعَذَّرَ لِضِيقِ مَكَانِ وَنَحْوِهِ، أي كما إذا كانت به علَّة تمنع من ذلك، أُلْقِيَ عَلَى قَفَاهُ وَوَجْهُهُ وَأَخْمُصَاهُ لِلْقِبْلَةِ، والوجه الثاني: أنه يضجع على قفاه وَأَخْمَصَاهُ (¬790) إلى القبلة كما يوضع
¬__________
البخاري فِي الصحيح: كتاب الرقاق: باب سكرات الموت: الحديث (6512).
ومسلم فِي الصحيح: كتاب الجنائز: الحديث (61/ 950).
* عن أبي هريرة - رضي الله عنه -؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: [اجْتَنِبُواْ السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ] قِيْلَ: يَا رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: [الشِّرْكُ بِاللهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ الله إِلاَّ بِالْحَقِّ؛ وَأَكْلُ الرِّبَا؛ وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيْمِ؛ وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ؛ وَقَذْفُ
الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاَتِ الْمُؤْمِنَاتِ] وفي رواية: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا الْكَبَائِرُ؟ فَقَالَ: [هُنَّ تِسْعٌ] فذكر معناه وزاد: [وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ، وَاسْتِحْلاَلُ الْبَيْتِ الْحَرَامِ قِبْلَتِكُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا]. رواهما أبو داود فِي السنن: كتاب الوصايا: الحديث (2875 و 2876). وإسنادهما حسن.
(¬789) لحديث البراء بن معرور حين أوصى أن يُوَجَّهَ إلى القبلة؛ عن أبي قتادة - رضي الله عنه - قال: أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - حِيْنَ قَدِمَ الْمَدِيْنَةَ سَأَلَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ، فَقَالُواْ: تُوُفِّىَ؛ وَأَوْصَى بِثُلُثِهِ لَكَ يَا رَسُولَ اللهِ، وَأَوْصَى أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى الْقِبْلَةِ إِذَا احْتَضَرَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: [أَصَابَ الْفِطْرَةَ، قَدْ رَدَدْتُ ثُلُثَهُ إِلَى وَلَدِهِ] ثُمَّ ذَهَبَ فَصَلَّى عَلَيْهِ، وَقَالَ: [اللَّهُمَّ اغْفِرْ
لَهُ وَارْحَمْهُ وَأَدْخِلْهُ جَنَّتَكَ وَقَدْ فَعَلْتَ]. رواه الحاكم فِي المستدرك: كتاب الجنائز: الحديث (1305/ 41)، وقال: هذا حديث صحيح، فقد احتج البخاري بنعيم بن حماد، واحتج مسلم بن الحجاج بالدراوردي؛ ولم يخرجا هذا الحديث، ولا أعلم فِي توجيه المحتضر إلى القبلة غير هذا الحديث. ووافقه الذهبي بقوله: صحيح. وأخرجه البيهقي فِي السنن الكبرى: كتاب الجنائز: باب ما يُستحب من توجيهه نحو القبلة: وقال: قال إبراهيم النَّخْعِيُّ: (كَانُواْ يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يَسْتَقْبِلُواْ بِهِ الْقِبْلَةَ، يَعْنِي إِذَا حُضِرَ الْمَيِّتُ)؛ الحديث (6700) و (6701)، وقال: وَكَانَ الْبَرَاءُ بْنُ مَعْرُورٍ أَوَّلَ مَنِ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ حَيًّا وَمَيِّتًا. وهو مرسلٌ جَيِّدٌ.
(¬790) الأَخْمَصَانِ: هُمَا أَسْفَلُ الرِّجْلَيْنِ، وَحَقِيْقَتُهُمَا الْمُنْخَفِضُ مِنْ أَسْفَلِهِمَا. قاله النووي فِي دقائق المنهاج: ص 49.