كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 1)
لأنها تحمى عليه فيتغير، وقيَّدها فِي الوسيط بالمُدْفِية، وَوُجِّهَ لِلْقِبْلَةِ كَمُحْتَضَرٍ، لأنها أشرف الجهات، وَيَتَوَلَّى ذَلِكَ أَرْفَقُ مَحَارِمِهِ، لوفور شفقته، وَيُبَادِرُ بِغُسْلِهِ إِذَا تُيُقَّنَ مَوْتُهُ، للأمر به كما أخرجه أبو داود (¬800).
وَغُسْلُهُ وَتَكْفِينُهُ وَالصَّلاَةُ عَلَيْهِ وَدَفْنُهُ فُرُوضُ كِفَايَةٍ، بالإجماع؛ ومراده إذا كان الميت مُسلمًا، نعم يجب تكفين الذُّمِّي ودفنه فقط وفيه وقفة كما سيأتي، وَأَقَلُّ الْغُسْلِ تَعْمِيمُ بَدَنِهِ بَعْدَ إِزَالَةِ النَّجَسِ، كذا وافق هنا الرافعي على ذلك بخلاف ما صححه فِي غسل الجنابة كما سلف فِي بابه، وَلاَ تَجِبُ نِيَّةُ الْغَاسِلِ فِي الأَصَحِّ، لأن الميت ليس من أهلها، والثاني: نعم كغسل الجنابة وفيه قوة لأنه عمل، فَيَكْفِي غَرَقُهُ أَوْ غَسْلُ كاَفِرِ، بناءً على عدمِ وجوبِها. قُلْتُ: الصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ وُجُوبُ غُسْلِ الْغَرِيقِ، وَاللهُ أَعْلَمُ، لأنا مأمورون بغسله ولم يغسل.
وَالأَكْمَلُ وَضْعُهُ بِمَوْضِعٍ خَالٍ مَسْتُورٍ، أيْ لا يدخله إلاّ الغاسل ومن يُعينه، لأنه كان فِي حياته يستتر عنده فكذلك يستتر بعد موته، عَلَى لَوْحٍ، لئلا يصيبه الرشاش، وَيُغَسَّلُ فِي قَمِيصٍ، لأنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - غُسِّلَ فِيْهِ كما صححه الحاكم (¬801)، بِمَاءٍ
¬__________
(¬800) عن الْحُصَيْنِ بْنِ وَحْوَح، أَنَّ طَلْحَةَ بْنَ الْبَرَاءِ مَرِضَ، فَأَتَاهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعُودُهُ، فَقَالَ: [إِنِّي لاَ أَرَى إِلاَّ أَنَّ طَلْحَةَ قَدْ حَدَثَ فِيْهِ الْمَوْتُ؛ فَآذِنُونِي بِهِ وَعَجِّلُواْ؛ فَإِنَّهُ لاَ يَنْبَغِي لِجِيْفَةِ مُسْلِمٍ أَنْ تُحْبَسَ بَيْنَ ظَهْرَانَي أَهْلِهِ]. رواه أبو داود فِي السنن: كتاب الجنائز: باب التعجيل بالجنازة: الحديث (3159). ورواه البيهقي فِي السنن: الحديث (6716).
وفي إسناده نظر.
(¬801) لحديث سليمان بن بريدة عن أبيه قال: لَمَّا أَخَذُوا فِي غَسْلِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَإِذَا هُمْ بِمُنَادٍ مِنَ الدَّاخِلِ: (لاَ تَنْزِعُواْ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَمِيْصَهُ). رواه الحاكم فِي المستدرك: كتاب الجنائز: الحديث (1306/ 42)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي فِي التلخيص، فقال: على شرطهما. ورواه بإسناد آخر من طريق بريد بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، وهو محتج به فِي الصحيحين: الحديث (1338/ 74) وقال: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي بقوله: على شرطهما.