كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 1)

بَارِدٍ، لأنه يصلبه، والحار يسرع إليه الفساد؛ اللَّهُمَّ إلاّ أن يحتاج إليه.
وَيُجْلِسُهُ الغَاسِلُ عَلَى الْمُغْتَسَلِ مَائِلًا إِلَى وَرَائِهِ، لأن اعتداله يحبس الخارج، وَيَضَعُ يَمِينَهُ عَلَى كَتِفِهِ، وَإِبْهَامَهُ فِي نُقْرَةِ قَفَاهُ، لئلا يتمايل رأسه، وَيُسْنِدُ ظَهْرَهُ إِلَى رُكْبَتِهِ الْيُمْنَى وَيَمِرُّ يَسَارَهُ عَلَى بَطْنِهِ إِمْرَارًا بَلِيغًا، أى فِي التكرار لا فِي شدة الإجهاد، قال الماوردي: بحيث لا يؤدي إلى هتك الميت؛ لأن احترامَهُ واجبٌ، لِيَخْرُجَ مَا فِيهِ (•)، أي من الفضلات كالحي يتغوط ويبول أوَّلًا، وخشية من خروجه بعد الغسل، ثُمَّ يُضْجِعُهُ لِقَفَاهُ وَيَغْسِلُ بِيَسَارِهِ وَعَلَيْهَا خِرْقَةٌ سَوْأَتَيْهِ، كما يستنجي الحيُّ بعد قضاء حاجته، ثُمَّ يَلُفُّ أُخْرَى، وَيْدْخِلُ أُصْبُعَهُ فَمَهُ وَيُمِرُّهَا عَلَى أَسْنَانِهِ، كما يستاك الحي، وَيُزِيلُ مَا فِي مِنْخَرَيْهِ مِنْ أَذًى كَالاِسْتِنْثَارِ وَيُوَضِّئُهُ كَالْحَيِّ، أي حتى يراعي المضمضة والاستنشاق، لقوله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: [إِبْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الوُضُوءِ مِنْهَا] متفق عليه (¬802)، ثُمَّ يَغْسِلُ رَأْسَهُ ثُمَّ لِحْيَتَهُ بِسِدْرٍ وَنَحْوِهِ،
أى كالخطمى لقوله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: [اِغْسِلْنَهَا بَمَاءٍ وَسِدْرٍ] متفق عليه أيضًا (¬803)، وَيُسَرِّحُهُمَا، أي شعر رأسه ولحيته، بِمِشْطٍ وَاسِعِ الأَسْنَانِ بِرِفْقٍ، ليقل الانتتاف، وَيَرُدُّ الْمُنْتَتَفَ إِلَيْهِ، أي ويدفنه معه (¬804)، وَيَغْسِلُ شِقَّهُ الأَيْمَنَ، أى المقبل
¬__________
(•) فِي الهامش نسخة (3): بَلَغَ مُقَابَلَةً فَصَحَّ.
(¬802) رواه البخاري فِي الصحيح عن أُمِّ عطية رضى الله عنها: كتاب الجنائز: باب يُبْدَأُ بميامن الميت: الحديث (1255). ومسلم فِي الصحيح: كتاب الجنائز: باب غسل الميت: الحديث (42 و 43/ 939).
(¬803) هو حديث أُمِّ عطية رضى الله عنها؛ قالت: دَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حِيْنَ تُوُفِّيَتْ ابْنَتُهُ، فَقَالَ: [اغْسِلْنَهَا ثَلاَثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، وَاجْعَلنَّ فِي الآخِرَةِ كَافُورًا أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي] فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ، فَأَعْطَانَا حِقوَهُ، فَقَالَ: [أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ]. تعنى إِزَارَهُ. رواه البخاري فِي الصحيح: كتاب الجنائز: الحديث (1253). ومسلم فِي الصحيح: الحديث (36/ 939).
(¬804) لرواية ابن حبان لحديث أُمِّ عطية، وفيه قال: قال أيوب: وقالت حفصة: [إغْسِلْنَهَا =

الصفحة 416