كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 1)

وَيَجِبُ تَقْدِيمُهُا، يعني الصلاة، عَلَى الدَّفْنِ، لأنها فرض كفاية فلا تؤخر، وَتَصِحُّ بَعْدَهُ، للاتباع (¬837)، وَالأَصَحُّ تَخْصِيصُ الصِّحَّةِ بِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ فَرْضِهَا وَقْتَ الْمَوْتِ، لأن من كان من أهل الفرض حينئذ كان الخطاب متوجهاً عليه، فمتى أدَّى كان مؤدياً لفرضه، وغيره لو صلَّى كان متطوعاً وهذه الصلاة لا يتطوع بها، وعَبَّرَ جماعةٌ عن هذا الوجه بعبارة أخرى، فقالوا: مَن كان مِن أهل الصلاة صلَّى عليه ومن لا فلا، وقد صحح الرافعي هذه فِي الشرح الصغير والأولى فِي الْمُحَرَّرِ، وَلاَ
يُصَلَّى عَلَى قَبْرِ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحَالٍ، أي وكذا على قبر غيره من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم لقوله - صلى الله عليه وسلم -عند وفاته: [لَعَنَ الله الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُواْ قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ] يُحَذِّرُ مَا صَنَعُواْ، متفق عليه (¬838).
فَرْعٌ: الْجَدِيدُ أَنَّ الْوَلّيَّ أَوْلَى بِإِمَامَتِهَا مِنَ الْوَالِي، لأن الصلاة من قضاء حق الميت؟ فالقريب أَولى بها كولاية النكاح، والقديم الوالي أَولى، ثم إمام المسجد، ثم الولي كسائر الصلاة وبه قال أكثر أهل العلم، والمراد بالولي القريب، ومحل الخلاف إذا لم يخف الفتنة من الوالي، وإلاَّ قُدِّمَ قطعاً كما أفهمه كلام البيان، نبَّه عليه صاحب الْمُعِيْنِ، فيُقَدَّمُ الأَبُ، ثُمَّ الْجَدُّ، أيْ أبو الأب، وَإِنْ عَلاَ، لوفور شفقتهما،
ثُمَّ الابْنُ، ثُمَّ ابْنُهُ وَإِنْ سَفَلَ، ثُمَّ الأَخُ، لأنهم أشفق كما سيأتي، وَالأَظْهَرُ تَقْدِيمُ
¬__________
(¬837) لحديث ابن عباس رضي الله عنهما؛ (أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى عَلَى قَبْرٍ بَعْدَمَا دُفِنَ وَكَبَّرَ أَرْبَعاً). رواه البخاري فِي الصحيح: كتاب الأذان: باب وضوء الصبيان: الحديث (857) والحديث (1247) والحديث (1326) والحديث (1340). ومسلم فِي الصحيح: باب الصلاة على القبر: الحديث (68/ 954).
(¬838) عن عائشة رضي الله عنها عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ قالا: (لَمَّا نُزِلَ بِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيْصَةً عَلَى وَجْهِهِ، فَإذَا اغْتَمَّ كَشَفهَا عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ: وَهُوَ كَذَلِكَ: [لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ] يُحَذَّرُ مِمَّا صَنَعُواْ). رواه البخاري فِي الصحيح: كتاب أحاديث الأنبياء: باب ما ذكر عن بني إسرائيل: الحديث (3453 و 3454).

الصفحة 431