كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 1)
يأخذها ويكفنه من عنده جاز، أما ثيابُ الحربِ فَتُنْزَعُ عَنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَوْبُهُ سَابِغاً تُمَّمَ، أى إلى أن يتم الكفن الواجب كما فعل بِمُصْعَبِ ابْنُ عُمَيْرٍ (¬848).
فَصْلٌ: أَقَلُّ الْقَبْرِ حُفْرَةٌ تَمْنَعُ الرَّائِحَةَ وَالسَّبُعَ، أي عن نبشه، وخرج بالحفرة عما لو وضع على وجه الأرض ثم وضع عليه ما يمنع ذلك، فينبغي أن لا يكتفى به، إلا إذا تعذر الحفر، فإنه ليس بدفن، كما ذكره فِي الروضة أخر كتاب السرقة، ونقل الرافعي هنا عن البغوي فِي فتاويه ما حاصله الاكتفاء، وَيُنْدَبُ أَنْ يُوَسَّعَ وَيُعَمَّقَ، للأمر به كما صححه الحاكم (¬849).
فَرْعٌ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يُوَسَّعَ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ ورجليهِ للاتباع قامةً وبسطةً؛ لأنَّ عُمَرَ - رضي الله عنه - أَوْصَى أَنْ يُعَمَّقَ قَبْرَهُ لذلك ولم ينكرهُ أحدٌ (¬850)، والمراد، قَدْرَ قَامَةٍ، رجل، وَبَسْطَةٍ، رجل معتدل يقوم ويبسط يديه مرفوعة، قال فِي الروضة: والجمهور على أنها أربعة أذرع ونصف (•).
¬__________
(¬848) لحديث خباب بن الأرت، وقد تقدم فِي الرقم (812).
(¬849) لحديث هشام بن عامر - رضي الله عنه -؛ قالَ: جَاءَتِ الأَنْصَارُ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ أُحُدٍ، فَقَالُواْ: أَصَابَنَا قَرْحٌ وَجَهْدٌ، فَكَيْفَ تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: [أحْفِرُواْ، وَأَوْسِعُواْ، وَاجْعَلُواْ الرَّجُلَيْنِ وَالثَّلاَثَة فِي الْقَبْرِ، قِيْلَ: فَأَيَّهُمْ يُقَدَّمُ؟ قَالَ: [أَكْثَرُهُمْ قُرْآناً]. رواه أبو داود فِي السنن: كتاب الجنائز: باب فِي تعميق القبر: الحديث (3215). والترمذي فِي الجامع: كتاب الجهاد: باب ما جاء فِي دفن الشُّهداء: الحديث (1713)، وقال: وهذا حديث حسن صحيح. وقول المصنف رحمه الله: (وصححهُ الحاكم) فِي جميع النسخ للمخطوط عندي (1 و 2 و 3) ولَمْ أجد الحديث فِي مستدرك الحاكم على الصحيحين، لا من حديث هشام بن عامر ولا من غيره، ولهشام بن عامر ثلاثه أحاديث فقط فِي المستدرك. ولعل المصنف رحمه الله نقل تصحيح الحاكم من غير المستدرك ولم يُعلم بذلك، أو أنه سبق قلم، والله أعلم، والحديث كما قال: حسن صحيح.
(¬850) رواه ابن أبي شيبة فِي الكتاب المصنف: كتاب الجنائز: باب ما قالوا فِي إعماق القبر: النص (11662).
(•) فِي هامش النسخة (3): بَلَغَ مُقابلة على حَسْبِ الطَّاقَةِ على نُسخةٍ قريت على المصنفِ وعليها خطهُ.