كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 1)
وَيُكْرَهُ إِكْرَاهُهُ عَلَيْهِ، أي على تناول الدواء للنهي عنه (¬868).
وَيَجُوزُ لأَهْلِ الْمَيِّتِ وَنَحْوِهِمْ، أي كأصدقائه، تَقْبِيلُ وَجْهِهِ، لأنه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ قَبَّلَ عُثمانَ بن مَظْعُونٍ بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَبَّلَ الصِّدِّيقُ رَسُوْلَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أيضاً (¬869)، بل قال الروياني: يستحبُّ، وقال المصنف فِي الروضة فِي أوائل النكاح من زوائده: لا بأس بتقبيل وجه الميت الصالح كما قيده بذلك.
¬__________
التداوي بالمحرم من الخبائث والنجاسات ما يتحقق فيه مفهوم الرخصة، إذ خصَّ الشارع للمكلف بالتداوى بالبول وهو نجاسة، والتداوى بالحرير والذهب وهما ممنوعان على الرجال. ويلاحظ أن ما يُرخص الشارع للمكلف به ليس بالضرورة فِي حال تحقق الهلاك، لأن الرخصة متعلقه بالعذر المضطر وهو خوف الهلاك لقوله تعالى: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة / 173 والأنعام / 145] أما تحقق الهلاك قطعاً، فهو حال أخرى غير الاضطرار، وتنظر من زاوية ما يؤدي إلى الحرام ويوصل إليه، وهذا ليس خاصاً بالرخصة، بل يشمل غيرها من المباحات، أي يقوم إدراك حكم الشارع فيه على أصل قاعدة (ما يوصل إلى الحرام حرام شرعاً) مما يوجب على المكلف نوع الفعل؛ وهذا من موضوعات أصول الفقه ولا مجال لبحثه هنا. قُلْتُ: يندب التداوى، بقصد تقوية الجسم والبدن للعبادة والزيادة فِي الطاعة.
والله أعلم.
(¬868) عن عُقْبَةَ بْنِ عَامِرِ الْجُهَنِيِّ؛ قال: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: [لاَ تُكْرِهُواْ مَرْضَاكُمْ عَلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ؛ فَإِنَّ الله يُطْعِمُهُمْ وَيَسْقِيْهِمْ]. رواه الترمذي فِي الجامع: كتاب الطب: باب ما جاء: لا تكرهوا مرضاكم: الحديث (2040)، وقال: هذا حديث حسن غريب. وابن ماجه فِي السنن: كتاب الطب: الحديث (3444)، قال البوصيرى فِي الزوائد: إسناده حسن.
(¬869) * أمَّا تَقْبِيْلُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - لِعُثْمَانَ بْنِ مَضْعُون، فمن حديث عائشة رضي الله عنها؛ (أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَضْعُونٍ وَهُوَ مَيِّتٌ فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ، ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ وَبَكَى عَلَيْهِ، حَتَّى رَأَيْتُ الدُّمُوعَ تَسِيْلُ عَلَى وَجْنَتَيْهِ). رواه
البيهقي فِي السنن الكبرى: كتاب الجنائز: الحديث (6813).
* أَمَّا تَقْبِيْلُ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه - لِرَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ فأخرجه البخاري فِي الصحيح: كتاب الجنائز: باب الدخول على الميت: الحديث (1241 و 1242).