كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 1)

عَكَسَ؛ جَازَ؛ لأن اختلاف نيتهما لا يضر كما لو اقتدى فِي الظهر بالعصر.
وَالدَّفْنُ فِي الْمَقْبَرَةِ أَفْضَلُ، للاتباع، قُلْتُ: إلَّا فِي حق الشهيد، فإنه يستحب أن يدفن حيث قتل للحديث فيه (¬881) وإن لم أره منقولاً عندنا، قال الحناطي فِي فتاويه؛ ومنها نقلت: ولو دفن لا يجوز نبشه، ثم نقل عن القفال أنه قال فِي فتاويه: إنه يجوز، والدفن فِي البيت ابتداء مكروه، واحتج بما روى أنه - صلى الله عليه وسلم - أذن لامرأة فِي نقل ميتها من بدر إلى مدافن قومها (¬882)، وَيُكْرَهُ الْمَبِيتُ بِهَا، لما فيها من الوحشة.
¬__________
• قُلْتُ: بل هو منقطعٌ لا يحتج به. أمَّا أنْه يُصَلَّى عَلَيْهِ، فَلَيْسَ لِهَذَا الْحَدِيْثِ، بَلْ لأنَّهُ لَمْ يُنْقلْ نَهْيٌّ عَنْ رَسُولِ اللَه سَيِّدِنَا مُحَمَّدِ - صلى الله عليه وسلم - فِي الصَّلاَةِ عَلَى مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِمَشَاقِصَ. وَإِنَّمَا تَرَكَ هُوَ الصَّلاَةَ عَلَيْهِ، وَسَكَتَ عَنْ فِعْلِ النَّاسِ فِي الصَّلاَةِ عَلَيْهِ وهو ما جاء فِي الحديث (6933) فِي السنن الكبرى للبيهقي، ورواه مسلم فِي الصحيح: كتاب الجنائز: باب ترك الصلاة على القاتل نفسه: الحديث (107/ 978) عن جابر بن سمرة قال: (أُتِيَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِرَجُلٍ قَتَلَ نَفْسَهُ بِمَشَاقِصَ، فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ).
• عن البيهقي رحمه الله: وَرُوِيْنَا عَنْ إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيْمَ الْحَنْظَلِيِّ أَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ؛ لِيُحَذِّرَ النَّاسَ بِتَرْكِ الصَّلاَةِ عَلَيْهِ، فَلاَ يَرْتكِبُواْ كَمَا ارْتَكَبَ.
(¬881) حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ (أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَمَرَ بِقَتْلَى أُحُدٍ أَنْ يُرَدُّواْ إِلَى مَصَارِعِهِمْ؛ وَكَانُواْ قَدَّ نُقِلُواْ إِلَى الْمَدِينَةِ). رواه النسائي فِي السنن: كتاب الجنائز:
باب أين يدفن الشهيد: ج 4 ص 79 وإسناده صحيح.
(¬882) • المعروف أن أُمَّ جابرٍ بْنِ عَبْدِ اللهِ حَمَلَتْ عَبْدَ اللهِ زَوْجَهَا، ففي رواية البيهقي عن جابر بن عبد الله قال: (لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ حُمِلَ الْقَتْلَى لِيُدْفَنُواْ بِالْبَقِيْعِ، فَنَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَدْفِنُواْ الْقَتْلَى فِي مَضَاجِعِهِمْ،
بَعْدَمَا حَمَلَتْ أُمِّي أَبي وَخَالِى عَدِيْلَيْنِ لِتَدْفِنَهُمْ فِي الْبَقِيعِ، فَرُدُّواْ). فِي السنن الكبرى: باب من كَره نقل الموتى من أرض إلى أرض: الحديث (7169).
• أما غير الشهداء، ففيه نظر، فإذا كان الغرض صحيحًا، فلا بأس أن ينقل قبل دفنه إلى غير الأرض التي قبض فيها؛ فقد حُمل سعد بن أبي وقَّاص وأُسامة بن زيد رضي الله عنهما من العقيق إلى المدينة؛ وأوصى ابن عمر أن يدفن بسرف وهي غير الأرض التي قبض فيها.
• أما حديث سعد بن أبي وقاص، فعن أُمِّ داود بن قيس؛ قالت: مات سعد بن =

الصفحة 454