كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 1)

وَيُنْدَبُ سَتْرُ الْقَبْرِ بِثَوْبٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلاً؛ لأنه أستر فربما ظهر ما يستحب إخفاؤه، وَأَنْ يَقُولَ: بِسْمِ اللهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ الله صَلى الله عَلَيْهِ وَسلَّمَ، للاتباع (¬883)، وَلاَ يُفْرَشُ تَحْتَهُ شَيْءٌ؛ وَلاَ مَخَدَّةٌ، أي بل يكره؛ لأنها إضاعة مال.
وَيُكْرَهُ دَفْنُهُ فِي تَابُوتٍ، بالإجماع، إِلَّا فِي أَرْضٍ نَدِيَّةِ أَوْ رِخْوَةٍ، أي فلا يكره، ولا تنفذ وصيته به، إلاّ فِي مثل هذه الحالة ثم يكون التابوت من رأس المال كذا جزم به فِي الروضة تبعًا للرافعي، ورأيت فِي فتاوى القفال: أنه إذا أوصى بأن يجعل على رأسه عِمَامَةً؛ ويجعل فِي تابوت؛ ويوضع تحت رأسه فراش ووسادة؛ إن كل ذلك يعتبر من الثلث، وَيَجُوزُ، من غير كراهة، الدَّفْنُ لَيْلاً؛ لأن الخلفاء ما عدا علياً
وعائشة وفاطمة دُفِنُواْ ليلاً، وقد فعلهُ - صلى الله عليه وسلم - كما صححه الحاكم (¬884)، وَوَقْتَ كَرَاهَةِ
¬__________
أبي وقاص - رضي الله عنه - بالعقيق (تبعد نحو عشرة أميال عن المدينة). قالت: (فَرَأَيْتُهُ حُمِلَ عَلَى أَعْنَاقِ الرِّجَالِ حَتَّى أُتِيَ بِهِ، فَأُدْخِلَ بِهِ الْمَسْجِدَ مِنْ نَحْوِ دَارَ مَرْوَانَ، فَوُضِعَ عِنْدَ بُيُوتِ النبِي - صلى الله عليه وسلم - بِفَنَاءِ الْحُجَرِ، فَصَلَّى الاِمَامُ عَلَيْهِ وَصَلَّيْنَ عَلَيْهِ بِصَلاَةِ الإِمَامِ).
رواه البيهقي فِي السنن الكبرى: الأثر (7172).
• أما أسامة بن زيد رضي الله عنهما؛ عن الزهري قال: (قَدْ حُمِلَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقْاصِ - رضي الله عنه - مِنَ الْعَقِيْقِ إِلَى الْمَدِيْنَةِ، وَحُمِلَ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ رَضِيَ الله عَنْهُمَا مِنَ الْجُرْفِ) رواه ابن قدامة فِي المغني والشرح الكبير: ج 2 ص 390، ولكنه قال: سعيد بن زيد. وفي السنن الكبرى للبيهقي كما أثبتناه: الأثر (7173).
والْجُرْفِ: مكان قريب من المدينة، وأهله ما تجرفه السيول من الأودية.
• أما أثر ابن عمر، فرواه ابن قدامة المقدسي رحمه الله فِي المغني: ج 2 ص 390.
(¬883) عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا أُدْخَلَ الْمَيِّتُ الْقَبْرَ قَالَ: [بِسْمِ اللهِ وَعَلَى سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ]. رواه أبو داود فِي السنن: كتاب الجنائز: باب فِي الدعاء
للميت إذا وضع فِي قبره: الحديث (3213). والترمذي فِي الجامع: كتاب الجنائز: باب ما يقول إذا أدخل الميت القبر: الحديث (1046)، وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. وروى موقوفًا عن ابن عمر أيضًا.
(¬884) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما؛ (أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالذِّكْرِ، فَقَالَ رَجُلٌ: لَوْ أَنَّ هَذَا خَفَضَ مِنْ صَوْتِهِ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: [فَإِنَّهُ أَوَّاهٌ]: ، قَالَ: فَمَاتَ، =

الصفحة 455