كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 1)

ذلك الْقِرَّافَةُ، فإِنَّ ابنَ عَبْدِ الْحَكَمِ ذَكَرَ فِي تَارِيْخِ مِصْرَ أَنُّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ أَعْطَاهُ الْمُقَوقِسُ فِيْهَا مَالاً جَزِيْلًا وَذَكَرَ أَنَّا نَجِدُ فِي الْكُتُبِ الأُوَلِ أَنَّهَا تُرْبَةُ الْجَنَّةِ؛ فَكَاتَبَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِي ذَلِكَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ: أَنِّي لاَ أَعْرِفُ تُرْبَةَ الْجَنَّةِ إِلَّا لأَجْسَادِ الْمُؤْمِنِيْنَ؛ فَاجْعَلْهَا لِمَوْتَاهُمْ أو كما قال، وقد نقل الإفتاء بهدم ما بُنى فيها عن ابن الجميزي والظهير التِزْمَنتي وغيرهما؛ قال الشافعي: فإن كان البناءُ فِي مُلْكِه؛ فإن لم يكن محظورًا لم يكن مختارًا.
وَيُنْدَبُ أَنْ يُرَشَّ الْقَبْرُ بِمَاءٍ، للإتباع (¬887)، وخرج بالماء الماورد فإنه إضاعة مال، ويكره أيضًا أن يُطلى بالخلوق، وَيُوضَعُ عَلَيْهِ حَصَّى وَعِنْدَ رَأْسِهِ حَجَرٌ أَوْ خَشَبَةٌ. وَجَمْعُ الأَقَارِبِ فِي مَوْضِعٍ، للإتباع (¬888)، وَزِيَارَةُ الْقُبُورِ لِلرِّجَالِ، بالاجماع (¬889)، ويستحب الوضوء لزيارتها؛ قاله القاضي حسين فِي شرح الفروع.
وَتُكْرَهُ لِلنِّسَاءِ؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ بِامْرَأَةٍ تَبْكِي عَلَى صَبِىٍّ لَهَا فَقَالَ لَهَا: [اتَّقِي الله
¬__________
(¬887) لخير الشافعي - رضي الله عنه -؛ قال: وَيُسَطَّحُ الْقَبْرُ، وكذلك بلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه سَطَّحَ قَبْرَ إِبْرَاهِيْمَ ابْنَهُ وَوَضَعَ عَلَيْهِ حَصَّى مِنْ حَصَى الرَّوْضَةِ؛ وأخبرنا إبراهيم بن محمَّد عن جعفر بن محمَّد عن أبيه؛ (أَنَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - رَشَّ عَلَى قَبْرِ إِبْرَاهِيْمَ ابْنِهِ وَوَضَعَ عَلَيْهِ الْحَصْبَاءَ) وَالْحَصْبَاءُ لاَ تَثْبُتُ إِلَّا عَلَى قَبْرٍ مُسَطَّحٍ. إهـ. كتاب الأُم للشافعي رحمه الله: باب الخلاف فِي إدخال الميت القبر: ج 1 ص 273.
(¬888) لأَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَضَعَ عِنْدَ رَأْسِ عُثمان بن مضعون صَخْرَةَ وَقَالَ: [أَتَعَلَّمُ بِهَا قَبْرَ أَخِي، وَأَدْفِنُ إِلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِي]. رواه أبو داود فِي السنن: كتاب الجنائز: الحديث (3206).
(¬889) لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه -؛ قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: [اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي فِي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لأُمِّي؛ فَلَمْ يَأْذَنْ لِي، فَاسْتَأْذَنْتُهُ فِي أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي؛ فَزُورُواْ الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكَّرُكُمُ الْمَوْتَ] رواه البيهقي فِي السنن الكبرى: كتاب الجنائز: باب زيارة القبور:
الحديث (7293)، وقال: رواه مسلم فِي الصحيح؛ وهو كما قال فِي كتاب الجنائز: الحديث (105/ 976).

الصفحة 457