كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 1)

فأنت طالق طلقتين، فولدت ميتًا لا يعرف حاله وَدُفِنَ قبل العلم بحاله كما رجحه فِي الروضة فِي بابه.
وَيُسَنُّ أَنْ يَقِفَ جَمَاعَةٌ بَعْدَ دَفْنِهِ عِنْدَ قَبْرِهِ سَاعَةً يَسْأَلُونَ لَهُ التَّثْبِيتَ، للاتباع (¬895)، ويستحب تلقينه عند دفنه أيضًا، ولا يلقن الصبي، وَحَكَى ابْنُ الصَّلَاحِ وَجْهَيْنِ؛ قَبْلَ إِهَالَةِ التُّرابِ أَوْ بَعْدَهُ، وقال: المختارُ الأَوَّلُ. وسُئل الحناطي عن الأنبياء والأولياء هل يحاسبون يوم القيامة؟ فأجاب؛ ومن فتاويه نقلتُ: إنهم يحاسبون بأعمالهم، وقال: كذلك الكُفَّارُ يُعَرَّفُونَ ما عملوا ثم يُؤْمَرُ بهم إلى النار، قال: والصحيح أن الكافر وُكِّلَ به مَنْ يكتب عمله من المَلَكَين كما على المسلم، ألا ترى إلى قوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ} (¬896) فهؤلاء هم الكفار عند أكثر العلماء وهو الصحيح، وأما من أوتي كتابه بيمينه كان مؤمنًا مصلحًا، وأما من أوتي كتابه بشماله كان فاسقًا فاجرًا.
وَلِجِيرَانِ أَهْلِهِ تَهْيِئَةُ طَعَامٍ يُشْبِعَهُمْ يَوْمَهُمْ وَلَيْلَتَهُمْ، أي وكذا أقرباؤه الأباعد للنص فيه، ولو كان الْمَيِّتُ فِي بلد آخر خوطب بذلك جيران أهله، وَيُلَحُّ عَلَيْهِمْ فِي الأَكْلِ، أي استحبابًا (¬897)، وَيَحْرُمُ تَهْيِئَتُهُ لِلنَّائِحَاتِ، وَاللهُ أَعْلَمُ، لأنه إعانة على المعصية، وأما إصلاح أهل الميت طعامًا وجمع الناس عليه فلم ينقل فيه شيء، وهو بدعة غير مستحبة.
¬__________
(¬895) لحديث عثمان بن عفان - رضي الله عنه -؛ قال: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ قَالَ: [اسْتَغْفِرُواْ لِمَيِّتِكُمْ وَسَلُواْ التَّثْبِيْتَ، فَإنَّهُ الآنَ يُسْأَلُ]. رواه البيهقي فِي السنن الكبرى: الحديث (7163).
(¬896) الانشقاق / 10.
(¬897) لحديث عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما؛ قال: لَمَّا جَاءَ نَعْيُ جَعْفَرَ؛ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: [اصْنَعُواْ لأَهْلِ جَعْفَرَ طَعَامًا، فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَهُمْ مَا يَشْغَلُهُمْ] رواه أبو داود فِي السنن: باب صنعة الطعام لأهل الميت: الحديث (3231). والترمذي فِي الجامع: كتاب الجنائز: الحديث (998)، وقال: هذا حديث حسن صحيح. وقد كانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُوجِّهَ إِلى أَهْلِ الْمَيِّتِ شَيْءٌ لِشُغْلِهِمْ عن المصيبةِ. وهو قول الشافعي.

الصفحة 461