كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 1)

بَابُ زَكَاةِ النَّبَاتِ
الأَصْلُ فِي وُجُوبِهِ الإِجْمَاعُ، وَمَا يَأْتِي فِي الْبَابِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُنَّةِ (¬919).
تَخْتَصُّ بِالْقُوتِ، لأنه أعلى النبات (¬920)، وَهُوَ مِنَ الثّمَارِ: الرُّطَبُ؛ وَالْعِنَبُ.
وَمِنَ الْحَبِّ: الْحِنْطَةُ؛ وَالشَّعيِرُ؛ وَالأَرُزُّ؛ وَالْعَدَسُ، وَسَائِرُ الْمُقْتَاتِ اخْتِيَاراً، أي كَالذَّرَّةِ وَالْحُمُّصِ؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - أخذَ الزكاة فِي أكثر منها؛ وأُلْحِقَ الباقي به لشمول
¬__________
(¬919) • النَّبْتُ وَالنَّبَاتُ: مَا يَخْرُجُ مِنَ الأَرْضِ مِنَ النَّامِيَاتِ، سواءٌ كانَ له ساقٌ كالشجر أو لم يكن له ساق كالنجم؛ قال الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} [الرحمن: 6] والزكاةُ تجبُ فِي النوعين، لهذا عبر بالنباتِ لشمولهِ لهما. وربما يُقال: إنَّ إطلاقَ النباتِ على الثَّمَارِ غير مألوفٍ، ولكنهُ يَصُحُّ. لأنَّ الثَّمَرَ اسمٌ لِكُلِّ مَا يُتَطَعَّمُ مِن أعمالِ الشَّجرِ، والواحدة ثَمَرَةٌ؛ والجمعُ ثِمَارٌ وَثَمَرَاتٌ. ويكنى به عن المال المستفاد. والثمر من رزق الله عَزَّ وَجَلَّ للإنسان يقتات به ويتقوى، قال الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ} [البقرة: 22] وقال الله عَزَّ وَجَلَّ: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ} [الأنعام: 141].
• الأصلُ فِي وجوب الزكاة قبل الإجماع من الكتاب قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأنعام: 141] وقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [البقرة: 267] وحقه الزكاة.
(¬920) الْقُوْتُ مِنَ الطَّعَامِ مَا يُمْسكُ الرَّمَقَ؛ وجمعه أَقْوَاتٌ، قال الله تعالى: {وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا} [فصلت: 10]. وهو ما لا حياةَ بدونهِ. وهو غيرُ ما يُؤْكلُ تَنَعُّماً أو تَأَدُّماً.
فيتعلقُ فعلُ الأكلِ بِالاِقْتِيَاتِ، وَالتَّنَعُّمُ بِالتَّفَكُّهِ وهو تَنَاوُلُ الفَاكِهَةِ قال- تعالى: {وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُون} [الواقعة: 20] وما يَسُدُّ الرَّمَقَ لا اخْتِيَارَ فيهِ لِضَرُورَتِهِ مِنْ غذاءٍ ودواءٍ، لأنَّ به يقومُ بَدَنُ الإنسانٍ مِن الطعامِ.

الصفحة 477