كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 1)

وَلَهُ أن يُؤَدِّيَ بِنَفسِهِ زكاَةَ المالِ الباطِنِ، أي وهو النقدُ والعرضُ والرِّكازُ وزكاةُ الفطرِ بالإجماع، وَكَذَا الظاهِرِ، أى وهو المواشي والزروع والثمار والمعادن، عَلَى الجَدِيدِ، لأنها زكاة واجبة على من له التصرف في ماله فأشبهت الباطنة، والقديم: وجوب الدفع إلى الإمام أو نائبه لقوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً ... } الآية (¬952) , فظاهرهُ الوجوب، وإذا لزم الإمام الأخذ لزم أرباب الأموال الدفع، وخالف الباطنة؛ لأن للناس غرضًا في إخفائها فلا تفوت عليهم، ولا فرق في جريان الخلاف بين العادل وغيره على الأصح، قال الدارمي في استذكاره: فإن قلنا بوحوب الدفع إليه فلم يمكن أو كان فاسقًا فقيل يصبر سنة أو شهرًا أو شهرين ونحوه.
وَلَهُ التوكِيلُ، لأنه حق مالي فجاز التوكيل في أدائه كديون الآدميين، ولا فرق فى التوكيل بين أن يوكل مسلمًا بالغًا أو صبيًا أو كافر أصليًا صرح به القاضي، وعن الروياني: أنه يشترط في الكافر والصبى تعيين المدفوع إليه، ورأيته في فتاوى البغوى في الصبى ولم يتعرض للكافر، وَالصّرفُ إِلَى الإمَامِ، لأنه نائب المستحقين فجاز الدفع إليه كولي اليتيم ويبرأ بالدفع إليه، وإن قال: إن أخذها منك وأنفقها في الفسق، لأنه لا ينعزل بذلك، صرح به القفال في فتاويه، وَالأظْهَرُ: أن الصَّرفَ إِلَى الإمَامِ أفْضَلُ، لأنه أعرف بالمستحقين، إلا أن يَكُون جَائِرًا، أى فالأفضل حينئذ أن يفرق بنفسه، لأنه ليس على يقين من البراءة بالدفع إليه، والثاني: الأفضل الصرف إليه مطلقًا لما سلف، والثالث: الأفضل أن يفرق بنفسه ليكون على ثقةٍ من أدائهِ، وقوله في الأظهر كان ينبغي أن يعبر بالأصح كما في الروضة؛ وصحح في شرح المهذب صرف الظاهر إليه وإن كان جائرًا.
وَتجبُ النيةُ، للخير المشهور والاعتبار فيها بالقلب، فيَنْوِيَ هَذَا فَرضُ زكاةِ مَالِي أو فرض صَدَقَةِ مَالِي وَنحوَهُمَا، أي لزكاة مالي المفروضة أو الصدقة
¬__________
(¬952) التوبة / 103: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}.

الصفحة 507