كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 2)

ولقصة الأعرابي أيضًا صححه ابن حبان والحاكم (¬960)، وَفِي قَوْلٍ: عَدْلاَنِ، كهلال شوال وسائر الشهادات. وللأول بأنه يجيب بأن لا تهمة تلحق الشاهد في هلال رمضان بخلاف شوال، والقياس على الشهادات غير منتظم لأنها مختلفة، وإلى هذا القول رجع الشافعى آخرًا، كما نبَّه عليه الربيع في الأم فاستفده.
فَرْعٌ: إذا قبلنا قول الواحد في الصوم، فلا خلاف في أنه لا يقع الطلاق والعتق المعلق بدخول رمضان، ولا يحل الدينُ المؤجلُ به، قاله القاضي وغيره، قال الرافعى: ولو قال قائل هل لا يثبت ذلك ضمنًا كما سبق نطيره؛ لأحْوَجَ إلى الفرق، وعنى بنظيره ما سيأتي إذا صمنا بواحد ثلانين يومًا ولم نرَ الهلال نفطر في الأصح.
وَشَرطُ الوَاحِدِ صِفَةُ العُدُولِ فِي الأصح، لاَ عَبدٍ وَامرَأَة، هذا ما نص عليه في الأم (¬961)، والثاني: لا يشترط ذلك؛ فيقْبَلُ منهما بناء على أنه رواية، والأصح في الصبي المَميزِ الثِّقَةِ القطعُ بعدم القبول أيضًا، قال الدارمي: وإذا قُبِلَ قوله فصام، قال ابن القطان: يجزيه، وقال ابنُ المُرزُبَانِ: محتملٌ، وصحح المصنف قبول قول المستور وفيه نظر، وِإذَا صُمنَا بعَدل وَلَم نَرَ الْهِلاَلَ بَعدَ ثَلاَثينَ أفطَرنَا فِي الأصَح، وَإن كَانَتِ السماءُ مُصْحِيةَ، لأن العدد قد كمل فأشبه ما لو صُمنا بقول عدلين، والثاني: لا يُفْطَرُ؛ لأنه يؤدي إلى الفطر بقول واحد وهو ممتنع لو ابتدأ بالشهادة، فكذلك إذا اقتضته الشهادة السابقة، وأجاب الأول: بأن الشيء وقد يثبت ضمنًا ولا يثبت صريحًا، كما في شهادة النساء لا تُقْبَل في النسب ابتداء؛ وتقْبَلُ في الولادة ابتداء.
¬__________
(¬960) عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ قال: جَاءَ إلى النبِي أعرابِي؛ فَقَالَ: أبصَرْتُ الهلاَلَ الليلَةَ؛ فقَالَ: [تَشهَدُ أنْ لا إِلَهَ إلا الله، وَأن مُحَمدًا عبدُهُ وَرَسُولُهُ] قَالَ: نَعَمْ. قالَ: [قمْ يا فُلاَنُ فَنَادِ فِى الناسِ فَلْيَصُومُوا غَدا] وفي رواية: [قُمْ يَا بِلاَلُ]. رواه ابن حبان في الإحسان: الحديث (3437). والحاكم في المستدرك: كتاب الصوم: الحديث (1544/ 13) وما بعده؛ وقال: هذا حديث صحيح ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
(¬961) قال الشافعى رحمه الله: (فإن لَم تَرَ العامة هلالَ شهرِ رمضانَ، ورآهُ رَجلٌ عَدلٌ؛ رأيت أن أقبلهُ للأثرِ والاحتياطِ) الأم: كتاب الصيام الصغير: ج 2 ص 94.

الصفحة 520