كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 2)

وَإذَا لَمْ نُوجِبْ عَلَى البَلَدِ الآخَرِ فَسَافَرَ إِلَيْهِ مِنْ بَلَدِ الرُّؤيه، فَالأصَحُّ أَنهُ يوَافِقُهُمْ في الصومِ آخِرًا، لأنه بالانتقال إلى بلدهم أخذ حكمهم وصار من جملتهم، والثانى: يفطر؛ لأنه التزم حكم البلد الأول فيستمر عليه، وَمَنْ سَافَرَ مِنَ الْبَلَدِ الآخَرِ إِلى بَلَدِ الرؤيةِ عَيدَ مَعَهُمْ وَقَضى يَوْمًا، بناءً على أن له حكم البلد المنتقل إليه، وَمَنْ اَصبَحَ مُعَيدًا فسَارَتْ سَفِينَتُهُ إِلَى بَلدَةٍ بَعِيدَةٍ؛ أَهْلُهَا صِيَام؛ فالأصَح: أَنهُ يُمْسِكُ بَقِيةَ اليوْمِ، بناء على أن لكل بَلْدَةٍ حُكْمُهَا. وأن للمنتقل حكم البلد المنتقل إليه، واستبعد الإمام ذلك من حيث أنه لم يَرِدْ فيه أثر، ويجزيه اليوم الواحد، وإيجاب إمساك بعضه بعيد، وتابعه الغزالي وهذا هو المقابل للأصح في كلام المصنف.
فَصلٌ: النِّيةُ شَرْط لِلصوْمِ، أما توقفه عليها فهو إجماع إلا من شذّ، وأما كونها شرطًا ففيه تجوز، ومحلها القلب، ولا يشترط النطق بها، ويشْتَرَطُ لِفَرْضِهِ التبْيِيتُ، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: [مَنْ لَمْ يُجمِع الصيامَ قَبْلَ الفَجْرِ فَلاَ صِيَامَ لَهُ] صححه الدارقطني والخطابى والبيهقى (¬964)، والأصح القطع بذلك في المنذور. والصَّبِي المميز كالبالغ كما قاله في شرح المهذب، وسبقه إليه الرويانى (•)، وتجب النية لكل يوم (•).
¬__________
(¬964) الحديث عن حفصة أم المؤمنين رضى الله عنها؛ رواه الدارقطنى في السنن: كتاب الصيام: باب تبييت النيه من الليل وغيره: الحديث (3) منه: ج 2 ص 172 وصححه؛ ونقل تصحيحه الخطابى في معالم السنن: كتاب الصيام: باب النية في الصيام: الحديث (2344) ووافقه عليه في التعليق: ينظر شرح الحديث: ج 3 ص 332 - 333. والبيهقي في السنن الكبرى: كتاب الصيام: باب الدخول في الصوم بالنية: الحديث (7999 و 8000)، وقال: وهذا حديث قد اختلِفَ على الزهرى في إسنادهِ وَرَفَعَهُ وَهُوَ مِنَ الثقَاتِ الأثبَاتِ.
(•) في هامش نسخة (2): قال الرويانى: ليس لنا صوم نفل يشترط فيه التبييت إلا هذا؛ يعنى بصوم الصبي.
(•) في هامش نسخة (2): لأن صَوْمَ كُل يَوْم عِبَادَة بِرَأسِهَا، وَإِذَا نَوَى صَوْمَ الشهر صَحَّ صَوْمُ اليومِ الأوَّلِ، وَعِنْدَ مَالِك تَكفِى نِيَّةُ صَوْمِ الشهرِ كُلهِ فِى أَولهِ، وَبِهِ قالَ أَحْمَدُ فِى رِوَايَةٍ.

الصفحة 522