كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 2)

فَرْع: لو تَسَحَّرَ للصومِ أو شرب لدفع العطش نهارًا أو امتنع من الماء خوف الفجر كان ذلك نية للصوم كما نقله الرافعي عن أبي العباس الروياني، قال: وهو الحق إن خَطَرَ ببالهِ الصوم بالصفات المعتبرة.
وَالصحِيحُ: أنهُ لاَ يُشْتَرَطُ النِّصْفُ الآخِرُ مِنَ الليلِ، لأنا لو اشترطنا ذلك لشق على الناس وضاق، والثانى: نشترطه وتوجيهه في غاية البعد، وَأَنهُ لاَ يَضُرُّ الأكْلُ وَالْجِماعُ بَعْدَهَا، أي وكذا غيرهما من المنافيات، لأن الله تعالى أحلَّ الأكل إلي طلوع الفجر، ولو كان يبطل النية لما جاز أن يأكل البتة؛ لأنه يبطل النية، وهذا هو المنصوص وبه قطع الجمهور، والثاني: أنه يضر ذلك لمنافاته، وهو غلط بالاتفاق، وَأنهُ لاَ يَجِبُ التجدِيدُ إِذَا نَامَ ثُم تنبهَ، لما سبق، بل أَولى لعدم منافاة النوم الصوم، والثاني: يجب تقريبًا للنية من العبادة، بقدر الوسع، أما إذا استمر النوم إلى الفجر لم يضره، ويصح صومه قطعًا، قال الإمام: وفي كلام العراقيين تردد في أن الغفلة هل هى كالنوم؟ وكل ذلك مطرح.
ويصِح النفْلُ بِنِيةٍ؛ قَبْلَ الزوَالِ، لأنه - صلى الله عليه وسلم - دخلَ على عائشة ذاتَ يومٍ فقال: [هَلْ عِنْدَكُمْ شَىْء] قَالَتْ: لاَ، قالَ: [فَإِني إِذًا أَصُومُ]، قَالَتْ: وَدَخَلَ عَلَيَّ يَوْمًا آخَرَ، فَقَالَ: [أَعِنْدَكِ شَيْء] قَالَتْ: نَعَمْ، فَقَالَ: [إِذا أُفْطِرُ، وَإِنْ كُنْتُ فَرَضْتُ الصَّوْمَ] رواه الدارقطنى والبيهقى، فقالا: إسناده صحيح (¬965)، وفي رواية الدارقطني؛ وقال: إسنادها صحيح أيضًا: [هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ غَدَاء] بدل [مِنْ شَيْءٍ] (¬966) وهو موضع الدلالة فإن الغداء كما قال القاضي أبو الطيب وغيره: اسم لما يؤكل قبل
¬__________
(¬965) رواه الدارقطني في السنن: كتاب الصيام: باب تبييت النية من الليل: الحديث (18) من الباب؛ وقال: هذا إسناد حسن صحيح. والبيهقي في السنن الكبرى: كتاب الصيام: باب المتطوع يدخل في الصوم: الحديث (8004)، وقال: رواه مسلم في الصحيح عن أبى كامل.
(¬966) رواه الدارقطنى في السنن: الحديث (21) من باب تبييت النية من الليل؛ وقال: هذا إسناد صحيح.

الصفحة 523