كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 2)

الزوال، وما يؤكل بعده يسمى عشاءً, وَكَذَا بَعْدَهُ في قَوْلٍ، أي إذا لم يتصل آخر نيته بالغروب تسوية بين أخر النهار كالليل، أما إذا اتصلت نيته بالغروب؛ فلا يصح قطعًا قاله البندنيجي، والأصح: المنع لخلو معظم العبادة عن النية.
وَالصَّحِيحُ: اشْتِرَاطُ حُصُولِ شَرْطِ الصَّوْمِ مِنْ أوَّلِ النَّهَارِ، أي من أكلٍ وشربٍ وحِماعٍ وكُفرٍ وحيضٍ وجنونٍ، وإلا فيبطل مقصود الصوم، ويجوز أن يتقدم شرط الشيء عليه، ألا ترى أنَّه يشترط تقديم الخطبة على الجمعة، والثاني: لا يشترط ذلك؛ لأن الصوم إذا كان محسوبًا من وقت النية كان بمثابة جزءٍ من الليل، وهذا الخلاف محله إذا قلنا: إنه صائم من وقت النية، أما إذا قلنا بالأصح: إنه صائم من أول النهار فلا بد من اجتماع شرايط الصوم في أول النهار.
وَيَجِبُ التَّعْيِينُ في الْفَرْضِ، أي بأن ينوي كل ليلة أنَّه صائم غدًا من رمضان أو عن قضاء رمضان أو عن نذر أو كفارة؛ لأنه قربة مضافة إلى وقتها، فوجب التعيين في نيتها كالظهر والعصر، واحترز بالفرض عن النفل؛ فإنَّه يصح بنية مطلق الصوم كما في الصلاة، قال في شرح المهذب: كذا أطلقه الأصحاب، وينبغي أن يشترط التعيين في الصوم المرتب كصوم عرفة وعاشوراء وأيام البيض ونحوها، كما يشترط ذلك في رواتب الصلاة.
وَكَمَالُهُ في رَمَضَان؛ أَن يَنْوِيَ صَوْمَ غَدٍ عَنَ أَدَاءِ فَرْضِ رَمَضَان هَذِهِ السَّنَةِ لله تَعَالَى، تمييزًا له عن القضاءِ والنفلِ، وغير رمضان هذه السنة، ونية غد بخصوصه ليست بواجبة؛ بل يكفي دخوله في عموم الشهر المنوى على الأصح حتَّى لو نوى أول ليلة من رمضان صوم جمعة صح اليوم الأول منه فقط على الصحيح.
وَفِي الأدَاءِ وَالْفَرَضِيَّةِ وَالإِضَافَةِ إِلَى اللهِ تَعَالَى الْخِلَافُ الْمَذكُورُ في الصَّلاةِ، أي وقد سبق بيانه هناك؛ كذا قاله الرافعي في كتبه وأقرّه عليه المصنف هنا، وفي الروضة؛ وقال في شرح المهذب: الأصح في نية الفرضية هناك عند الأكثرين الاشتراط، وهنا عدمه. والفرقُ أن صوم رمضان من البالغ لا يكون إلَّا فرضًا بخلاف الصلاة.

الصفحة 524