كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 2)

وَالتقْطِيرُ في بَاطِنِ الأذُنِ وَالإِحْلِيلِ مُفْطِرٌ في الأصَحِّ، بناء على الوجه الأول وهو اعتبار كل ما يسمى جوفًا، والثاني: لا، بناء على مقابله, لأنه جوف وليس فيه قوة الإحالة، والإحليل: مخرجُ البول خاصة قاله الجوهري، وَشَرْطُ الْوَاصِلِ كَوْنُهُ مِنْ مَنفَذٍ مَفتوحٍ؛ فَلَا يَضرُّ وُصُولُ الدُّهْنِ بَتَشَرُّبِ الْمَسَامِّ، وَلَا الاكْتِحَالُ وَإِنْ وَجَدَ طَعْمَهُ بحَلْقِهِ، كما لا يضر الاغتسال والانغماس في الماء وإن وجد له أثرًا في باطنه؛ ولا يكره الاكتحال (¬969) سواء تنخمه أم لا؛ والْمَنفَذُ بفتح الفاء كالْمَدْخَلِ وَالْمَخْرَجِ وكذا رأيته بخط مولفه مضبوطًا، وَكَوْنُهُ بِقَصْدٍ: فَلَوْ وَصَلَ جَوْفَهُ ذُبَابٌ، أوْ بَعُوضَةٌ، أَؤ غُبَارُ الطَّرِيقِ، أَوْ غَربلَةُ الدَّقِيقِ، لَمْ يُفْطِرْ، أي وإن كان إطباق الفم واجتناب ذلك ممكنًا؛ لأن تكليف الصائم الاحتراز عن الأفعال المعتادة إلى يحتاج إليها؛ يَجُرُّ عُسرًا شديدًا، بل لو فتح فاه عمدًا فوصل الغبار إلى جوفه فالأصح العفر.
وَلَا يُفْطِرُ بِبَلْع رِيقِهِ مِن مَعِدَتِهِ، بالإجماع، فَلَوْ خَرَجَ عَنِ الْفَمِ ثُمَّ رَدَّهُ وَابْتَلَعَهُ؛ أوْ بَلَّ خَيطًا بِرِيقِهِ وَرَدَّهُ إِلَى فَمِهِ وَعَلَيهِ رُطُوبَةٌ تَنْفَصِلُ؛ أَوِ ابْتَلَعَ رِيقَهُ مَخْلُوطًا بِغَيْرِهِ أَوْ مُتَنَجِّسًا أَفْطَرَ، أما في الأُولى: فلأنه خرج عن معدته فصار كالأعيان المنفصلة، وأما في الثانية: فلأنه لا ضرورة إليه وقد ابتلعه بعد مفارقة، وأما في الثالثة: فلأنه أجنبيٌّ غيَّرَ الريقَ.
وَلَوْ جَمَعَ رِيقَهُ؛ فَابْتَلَعَهُ لَمْ يُفْطِرْ في الأصَحِّ, لأنه مما يجوز ابتلاعه ولم يخرج عن معدته فأشبه ما لو ابتلعه متفرقًا، والثاني: يفطر, لأن الاحتراز عنه هيِّن، ولو اجتمع لم يفطر قطعًا، وَلَوْ سَبَقَ مَاءُ الْمَضمَضَةِ أَوِ الاسْتِنْشَاقِ إِلَى جَوْفِهِ، أي المعروف ودماغه، فَالمَذْهَبُ أَنَّهُ إِنْ بَالغَ أفْطَرَ، لارتكابه المنهي، وَإِلَّا فَلَا، لوصوله بغير اختياره، وقيل: لا يَفْطَرُ مطقًا، وقيل: عكسه، كذا حكاها في أصل الروضة،
¬__________
(¬969) لحديث محمَّد بن عبيد الله بن أبي رافع عن أَبيه عن جده: (أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَكْتَحِلُ بِالإِثْمدِ وَهُوَ صَائِمٌ). رواه البيهقي في السنن الكبرى: باب الصائم يكتحل: الحديث (8350)؛ فحكاه بعده. وقال: ليس بالقوي.

الصفحة 528