كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 2)

وقال الرافعي: أصح الطريقين حكايته قولين، والثانية: القطع بأنه لا يفطر، وفي محل الأولى طرق؛ أصحها: أن القولين فيما إذا بالغ؛ أما إذا لم يبالغ فلا يفطر قطعًا، وصحح في الْمُحَرَّرِ أنَّه إذا بالغ أفطر قطعًا، وإلا فالخلاف، قال الماوردي: والبطلان هو قول أكثر الفقهاء.
فَرْعٌ: المختار في الروضة الجزمُ في المرة الرابعةِ بالإفطار؛ لأنها منهي عنها (¬970).
فَرْعٌ: سبق الماء عند غسل الفم لنجاسته كسبق الماء في المضمضة، والمبالغة هنا للحاجة كالسبق بلا مبالغة؛ قاله الرافعي في الكبير بلفظ ينبغي؛ وجزم به في الصغير.
وَلَوْ بَقِيَ طَعَامٌ بَيْن أسْنَانِهِ فَجَرَى بِهِ رِيقُهُ، أي من غير قصد، لَم يُفْطِرْ إِن عَجَزَ عَنْ تَمْيِيزِهِ وَمَجِّهِ، أي وإن لم يعجز أفطر لتقصيره، وَلَوْ أُوْجِرَ مُكرَهًا لَم يَفْطُرْ، لعدم القصد والفعل منه، وِإنْ أُكرِهَ حَتى أكَلَ، أي أو شرب، أَفْطَرَ في الأظْهَرِ، لأنه حصل بفعله مع علمه بالحال لدفع الضر عن نفسه فبطل كما لو فعله لدفع الجوع والمرض. قُلْتُ: الأظْهَرُ لا يُفْطِرُ، وَالله أعْلَمُ, لأن حكم اختياره ساقط؛ وأكله ليس منهيًا عنه فأشبه الناسي بل هو أَولى منه، وِإنْ أَكَلَ نَاسيًا لَم يُفْطِرْ، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: [مَنْ أَفْطَرَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ نَاسِيًا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَةَ] صححه الحاكم على شرط مسلم (¬971)، إِلَّا أَن يَكْثُرَ في الأصَحِّ، كما في كلام الناسي في الصلاة إذا أكثر؛ لأن النسيان في الكثير نادر. قُلْتُ: الأصَحُّ لا يَفْطُرُ، وَالله أعْلَمُ، لعموم ما سلف؛ ولأن الصلاة ينقطع نَظمُهَا بذلك بخلاف الصوم، ومنع بعض شارحي الوسيط هذا الفرق، وقال: الصوم أَيضًا ذو نِظام وهو الإمساك من أول اليوم إلى
¬__________
(¬970) لحديث لقيط بن صبرة - رضي الله عنه -؛ قال: قالَ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -[أسْبِغ الوُضُوءَ، وَبَالِغْ في الاسْتِنْشَاقِ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ صَائِمًا] تقدم في الرقم (75).
(¬971) رواه الحاكم في المستدرك: كتاب الصوم: الحديث (1569/ 38)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرحاه بهذا السياق. ووافقه الذهبي بقوله: على شرط مسلم.

الصفحة 529