كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 2)

آخره فيحرم الأكل والشرب، قال في المطَّلب في الصلاة: ويقوي هذا تسوية الفورانى بين الوجهين في الصوم والصلاة ولم يَبْنِ الصوم على الصلاة كما فعل غيره، وما جزم به المصنف من طريقه الوجهين؛ وتعبيره بالأصح كذا فعل في الروضة وخالف في شرح المهذب وضعفها وصحح طريقة القطع بأنه لا يفطر.
وَالْجِمَاعُ كَالأَكْلِ عَلَى الْمَذْهَبِ، أي في أنَّه لا يفطر بالنسيان للرواية المذكورة ولغيره من المفطرات، والطريق الثَّانية حكايته قولين كما في جماع المحرم ناسيًا، لكن الفرق أن المحرم له هيئة يتذكر بها حالة فإذا نسي كان مقصرًا بخلاف الصائم، وَعَنِ الاِسْتِمْنَاءِ، أي وهو استخراج المنِّي، فَيُفْطِرُ بِهِ, لأنَّ الإِيْلَاجَ مِنْ غَيْرِ إِنْزَالٍ مُبْطِلٌ، فالإنزال بنوع شهوةٍ أَولى، ولو حكَّ ذكره لا لعارض؛ فالأصح في شرح المهذب: أنَّه لا يفطر؛ لأنه متولد من مباشرة مباحة، وأما إذا احتلم فإنَّه لا يفطر بالإجماع؛ لأنه مغلوب، وَكَذَا خُرُوجُ الْمَنِيِّ بِلَمْسٍ وَقُبْلَةٍ وَمُضَاجَعَةٍ؛ لأنه إنزال بشهوة مباشرة، نعم: الخنثى إذا باشرت بشهوة وأمنى بفرجيه أفطر وإلا فلا، لا فِكْرٍ؛ وَنَظَرٍ بِشَهْوَةٍ، لأنه إنزال بغير مباشرة فأشبه الاحتلام.
وَتُكْرَهُ الْقبْلَةُ لِمَن حَرَّكَتْ شَهْوَتَهُ، أي بحيث يخاف الإنزال خوفًا منه فإنَّه يفطر، وَالأوْلَى لِغَيرِهِ تَرْكُهَا، أي ولا يَحْرُمُ لآمِنِهِ. فُلْتُ: هِيَ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ في الأصَحِّ، وَالله أَعْلَمُ؛ لأنه يعرض الصوم لإفساده، وهذا ما نصَّ عليه في الأم أَيضًا (¬972)، والثاني: أنها كراهة تنزيه؛ وحكى العجلي عن الشَّافعيّ - رضي الله عنه - حكايته تدل
¬__________
(¬972) نص عبارة الإمام الشَّافعيّ - رضي الله عنه -؛ قال: (وَمَنْ حَرَّكَتِ الْقُبْلَةُ شَهْوَتَهُ، كَرِهْتُهَا لَهُ، وَإِنْ فَعَلَهَا لَمْ يُنْقَضْ صَوْمُهُ، وَمَنْ لَمْ تُحَرِّكْ شَهْوَتَهُ فَلَا بَأْسَ لَهُ بِالْقُبْلَةِ، وَمِلْكُ النَّفْسِ عَنْهَا في الْحَالَيْنِ عَنهَا أَفْضَلُ؛ لأنَّهُ مَنَعَ شَهْوَةً يُرْجَى مِنَ اللهِ ثَوَابُهَا) وقال: (وَإِنَّمَا قُلنا لا يَنْقَضُ صَوْمُهُ, لأنَّ الْقُبْلَةَ لَوْ كَانَتْ تَنْقُضُ صَوْمَهُ، لَمْ يُقَبِّلْ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَلَمْ يُرَخِّصِ ابْن عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ فَيْهَا، كَمَا لا يُرَخِّضونَ فِيْمَا يُفْطِرُ، وَلَا يَنظُرونَ في ذَلِكَ إِلَى شَهْوَةٍ فَعَلَهَا الصَّائِمُ لَهَا وَلَا غَيْرَ شَهْوَةٍ). قال الشَّافعيّ رحمه الله: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشامٍ بن عُروةَ عَنْ أبِيْهِ عَنْ عَائِشَةَ؛ قَالَتْ: (إِنْ كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيُقَبِّل بَعْضَ =

الصفحة 530