كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 2)

وَالاحْتِيَاطُ أن لا يَأْكُلَ آخِرَ النَّهَارِ إِلَّا بِيَقِينٍ, لأن الأصل بقاؤه؛ ويجب إمساك جزء من الليل ليتحقق استكمال النهار، وقد ورد التغليظ على من أفطر قبل الغروب من حديث أبي أمَامَةَ البَاهِلِيِّ [أَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - رَأهُمْ في نَوْمِهِ وَهُمْ يُعَلَّقُونَ بِعَرَاقِيْبِهِمْ وَأَشْدَاقُهُمْ مُشَققَةٌ تَسِيْلُ دَمًا] رواه البيهقي في كتابه فضائل الأوقات (¬975).
وَيحِلُّ بِالاجْتِهَادِ، أي بالأوراد ونحوها، في الأصَحِّ، كأَوقات الصلاة، والثاني: لا؛ لقدرته على درك اليقين بالصبر، وَيجُوزُ، الأكل، إِذَا ظَنَّ بَقَاءَ اللَّيْلِ، أي بالاحتهاد لأن الأصل بقاؤه. قُلْتُ: وَكَذَا لَو شَكَّ، وَالله أَعْلَمُ، لذلك أَيضًا، وَلَوْ
¬__________
الْحِجَامَةَ وَهُوَ صَائِمٌ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ. وَلَوِ احْتَجَمَ الصَّائِمُ لَم أرَ ذَلِكَ أنْ يُفْطِرَهُ). قال التِّرْمِذِيّ: هَكَذَا كَانَ قَوْلُ الشَّافِعِي بِبَغْدَادَ. وأمُّا بمِصْرَ، فَمَالَ إِلَى الرُّخْصَةِ، وَلَمْ يَرَ في الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ بَأْسًا، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - احْتَجَمَ في حَجَّةِ الْوَدَاع وَهُوَ مُحْرِمٌ. إهـ. من الجامع الصحيح: ج 3 ص 146.
• عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ (أَنَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - احْتَجَمَ وَهُوَ مُحْرِمٌ، وَاحْتَجَمَ وَهُوَ صَائِمٌ).
• وعنه - رضي الله عنه -؛ قال: (احْتَجَمَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ صَائِمٌ). رواهما البُخَارِيّ في الصحيح: كتاب الصوم: باب الحجامة والقئ للصائم: الحديث (1938 و 1939). وجمع بينهما الترمذي بإسناده عن ابن عباس قال: (احْتَجَمَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ مُحْرِمٌ صَائِمٌ): الحديث (775). وفي لفظ: (أنَّ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - احْتَجَمَ فِيْمَا بَيْنَ مَكةَ وَالْمَدِيْنَةِ؛ وَهُوَ مُحْرِمٌ صَائِمٌ) من الجامع الصحيح: الحديث (777)، وقال: حديث حسن صحيح.
(¬975) عن أبي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: [بَينَا أنَاْ نَائِمٌ إِذ أَتَانِي رَجُلَانِ، فَأَخَذَا بَضَبْعَيَّ، فَأَتَيَا بِي جَبَلًا وَعْرًا؛ فَقَالَا لِي: اصْعَدْ، فَقُلْتُ: إِنِّى لَا أُطِيّقُهُ، فَقَالَا: إِنا سَنُسَهِّلُهُ لَكَ؛ فَصَعَدْتُ حَتَّى كُنتُ في سَوَاءِ الْحَبَل، إِذ أنَاْ بِأَصْوَاتٍ شَدِيْدَةٍ؛ فَقُلْتُ: مَا هَذِهِ الأَصْوَاتُ؟ قَالُوا: هَذَا عُوَاءُ أهْلِ النَّارِ؛ ثُمَّ انْطُلِقَ بِي، فَإِذَا أنَاْ بِقَوْمٍ مُعَلَّقِيْنَ بعَرَاقِيبِهمْ مُشَقَّقَةٌ أشْدَاقُهُمْ تَسِيْلُ أشْدَاقُهُمْ دَمًا؛ قَال: قُلْتُ: منْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِيّنَ يُفطِرُونَ قَبْلَ تَحِلَّةِ صَوْمِهِمْ]. رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب الصيام: باب التغليظ على من أفطر قبل غروب الشَّمس: الحديث (8099).

الصفحة 532