كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 2)
كِتَابُ الْغَصْبِ
الْغَصْبُ: هُوَ فِي اللُّغَةِ أَخْذُ الشَّيءِ ظُلْمًا مُجَاهَرَةً، وَفِي الشَّرْعِ سَيَأْتِي، وَتَحْرِيمُهُ مَعْلُومٌ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُوْرَةِ (¬149).
هُوَ الاسْتِيلاءُ عَلَى حَقِّ الْغَيرِ عُدْوَانًا، هَذَا هُوَ الاخْتِيَارُ فِي حَدِّهِ لِيَدْخُلَ مَا لَيسَ بِمَالٍ كَالْكَلْبِ، وَالْحُقُوقِ وَالاخْتِصَاصَاتِ؛ وَخَرَجَ بِالْعُدْوَانِ الاسْتِيلاءُ عَلَى مَالِ
¬__________
(¬149) * الْغَصْبُ: في اللغةِ أَخْذُ الشَّيء ظُلْمًا وَقَهْرًا، وفي عرف الفقهاء: هُوَ أخْذُ مَالٍ مُتَقَوَّمٍ مُحْتَرَمٍ مِنْ غَيرِ إِذْن مَالِكِهِ مُجَاهَرَةً. فَهُوَ اسْتِيلاءٌ عَلَى مَالِ الْغَيرِ بجهَةِ التعَدِّي. وَفِعْلُهُ سَبَبٌ لِلضَّمَانِ. والفرقُ بين الغَاصِبِ وَالسَّارِقِ، أَنَّ السَّارِقَ يَأْخُذُ مَال الْغَيرِ خِفْيَةً مِنْ مَكَان مَحْرُوزٍ، أمَّا الْغَاصِبُ، فَيَأْخُذُ مَال الْغَيرِ بِالتَّعَدِّي جِهَارًا مُعْتَمِدًا عَلَى قُوَّتِهِ أَوْ سُلْطَانِهِ، فَهُوَ أَخْذُ الشَّيءِ ظُلْمًا وَقَهْرًا.
* والأصلُ في تحريمِ الغصبِ من الكتاب العزير؛ قول الله عزَّ وَجَلَّ: {وَيلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [المطففين / 1 - 3]. وقال الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ بَينَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة / 188] وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ بَينَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء / 29]. أمَّا الأصلُ في تحريم الغصب مِن السُّنَّةِ؛ ما جاء عن أبي بكرَة قال: خَطَبَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ النَّحْرِ، فَقَال فِي خُطْبَتِهِ: [إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيكُمْ حَرَامٌ؛ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ، أَلا فَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي ضُلَّالًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ]. وإسناده صحيح، رواه البخاري في الصحيح: كتاب الحج: باب الخطة أيام منى: الحديث (1741). ومسلم في الصحيح: كتاب القسامة: باب تغليظ تحريم الدماء: الحديث (29 و 30 و 31/ 1679).
الصفحة 879