كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 2)

كِتَابُ الشُّفْعَةِ
الشُّفعَةُ: هِيَ بإسْكَانِ الْفَاءِ، وَاشْتِقَاقُهَا من الشَّفْعِ؛ وَهُوَ الضَّمُّ أَو الزِّيَادَةُ؛ أوْ مِنْ التَّقْويَةِ وَالإِعَانَةِ؛ أَوْ مِنَ الشَّفَاعَةِ؛ أَقْوَالٌ. وَهِيَ في الشَّرْعِ: حَقُّ تَمَلُّكٍ قَهْرِيٍّ يَثْبُتُ لِلشَّرِيكِ الْقَدِيمِ عَلَى الْحَادِثِ بِسَبَبِ الشَّرِكَةِ بِالْعِوَضِ الَّذِى تَمَلَّكَ بِهِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ، وَهُوَ ضَرَرُ مَؤُنَةِ الْقِسْمَةِ وَاسْتِحْدَاثُ الْمَرَافِقِ وَغَيرِهَا، وَقِيلَ: ضَرَرُ سُوءِ الْمُشَارَكَةِ، وَالأَصْلُ فِيهَا الإجْمَاعُ كَمَا حَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ؛ وَإِنْ كَانَ فِيهِ خِلافٌ شَاذٌّ. وَمِنَ السُّنَّةِ أَحَادِيثٌ مِنْهَا حَدِيثُ جَابِرٍ [قَضَى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بِالشُّفْعَةِ في كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإذَا وَقَعَتِ الْحُدُودُ وَصُرِفَتِ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ] رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (¬155) وَادَّعَى الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ الأَخْبَارَ الْوَارِدَةَ فِي الشُّفْعَةِ مُتَوَاتِرَةٌ (¬156).
لَا تَثْبُتُ في مَنْقُولٍ، أي كالثيابِ والحيوانِ وَغَيرِهِمَا؛ لأَنَّ المَنْقُولَ لَا يَدُومُ وَالْعَقَارُ يَدُومُ فَيَدُومُ ضَرَرُ الْمُشَارَكَةِ فِيهِ، بَلْ فِي أَرْضٍ وَمَا فِيهَا مِنْ بِنَاءٍ وَشَجَرٍ
¬__________
(¬155) رواه البخاري في الصحيح: باب بيع الأرضِ والدور والعروض: الحديث (2214). وفي رواية: [كُلُّ مَالٍ لَمْ يُقسَمْ]. وأبو داود في السنن: كتاب البيوع: باب في الشُّفْعَةِ: الحديث (3514).

(¬156) قال الماوردي في الحاوي الكبير: كتاب الشفعة: ج 7 ص 227: وَالْحُكْمُ بِالشُّفْعَةِ وَاجِبٌ بِالنَّصِّ وَالإجْمَاع إلّا مَنْ شَذَّ عَنِ الْكَافَّةِ مِنَ الأَصَمِّ وَابْنِ عَلِيَّة؛ فَإنَّهُمَا أَبْطَلاهَا رَدًّا لِلإِجْمَاع، وَمَنْعًا مِنْ خَبَرِ الْوَاحِدِ؛ وَتَمَسُّكًا بِظَاهِرِ قَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -: [لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسُلِمٍ إِلّا بطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ]. وَهَذَا خَطَأ لفحش من قائله، لأَنَّ مَا رُويَ فِي الشُّفْعَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَوَاتِرًا فَالْعَمَلُ بِهِ مُسْتَفِيضٌ يَصِيرُ بِهِ الْخَبَرُ كَالْمُتَوَاتِرِ. إ. هـ.

الصفحة 898