كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 2)

للمساقاةِ، وبه جزم الماوردي، لكن قيّدَهُ بما إذا كانَتْ قليلة تابعة لِلنَّخْلِ وَالعِنَبِ، فقولُ المصنفِ أولًا (وَمَورِدُها النخْلُ وَالْعِنَبُ) مرادُهُ أَصَالةً لا تَبَعًا، واحترَزَ المصنفُ بالمثمرة عما لا تثمر كالصُنُوبَرِ فلا تجوز المساقاةُ عليهِ قطعًا، وقيل: في الخلاف وجهان لأغصانه فإنها مُنزَّلة مَنْزِلَة الثمارِ، وخرج بذكر الأشجارِ ما لا سَاقَ لَهُ كالبطيخ وَقَضبِ السُّكرِ فلا تجوزُ المُسَاقَاةُ عَلَيها.
قَاعِدَة: يُشْتَرَط أنْ تَكُونَ الأشْجارُ مُعَينَةً مُرَتبَةً.
وَلَا تصِحُّ المُخابَرَةُ، وَهِيَ: عَمَلُ الأرضِ بِبعضِ مَا يَخْرُجُ مِنْها، وَالْبَذْرُ مِنَ العَامِلِ، وَلَا المُزَارَعَةُ، وهي: هذهِ المُعَامَلَةِ، وَالْبذْرُ مِنَ المالِكِ، لثبوت النهي عنهما في الصحيح (¬164)، والمعنى فيه أن تَحصيلَ مَنْفَعَةِ الأرضِ مُمكِنَه بِالإجَارَةِ، فَلَم يَجُزِ الْعَمَلُ عَلَيها ببعضِ مَا يَخْرُجُ مِنها كَالْمَوَاشِي بِخِلافِ الشجَرِ، والمختارُ جوازُهُما وتأويلُ النَّهي على مَا إِذَا شُرِطَ لواحدٍ زَرعَ قِطْعَة مِنْ أرض مُعينَةٍ وَالآخَرَ أخْرَى، فَلَو كان بَينَ النخلِ بَيَاض، صَحتِ المُزَارَعَةُ عَلَيهِ مَعَ المُسَاقَاةِ عَلَى النخْلِ، لِعُسْرِ الإفْرَادِ وَمُدَاخَلَةِ الْبُستَانِ، وعليهِ حُمِلَ مُعَامَلَةُ أَهلِ خَيبَرَ السَّالِفَةِ، بِشَرطِ اتحَادِ العامِلِ، أي فلا يجوزُ أنْ يُسَاقِيَ وَاحِدًا وَيُزَارِعَ آخَرَ؛ لأنَّ غَرَضَ الاسْتِقْلالِ لَا يحصُلُ، وَعُسْرِ إِفْرَادِ النخْلِ بِالسقْي؛ وَالبياضِ بِالعِمَارَةِ، لانتفاع النخْلِ بِسَقْي الأرضِ وَتَقْلِيبها، فإنْ أمكنَ الإفرادُ فلا؛ لانتِفَاءِ الحاجَةِ المُجَوِّزَةِ لَها، وَالأصَحُّ: أنهُ يُشْتَرَطُ أَن لَا يُفْصَلَ بَينَهُمَا، أي بين المساقاةِ والمزارعةِ، بل يأتي بهما على الاتصالِ، لأنَّ المُزَارَعَةَ تَبَعٌ، فَلَا تُفْرَدُ كَمَا لَوْ زَارَعَ مَعَ غَيرِ عَامِلِ
¬__________
(¬164) * عن جابر بن عبد الله؛ (أنَّ النبِي - صلى الله عليه وسلم - نَهى عَنِ المُخَابرَةِ). رواه البخاري في الصحيح: كتاب المساقاة: باب الرجل يكون له يكون أو شرب في حائط أو في نخل: الحديث (2381). ومسلم في الصحيح: كتاب البيوع: الحديث (81/ 1536).
* عن ثابت بنِ الضَّحَّاكِ: (أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَهى عَنِ المُزَارَعَةِ، وَأمَرَ بِالمُؤَاجَرَةِ، وَقال: لَا بأسَ بِها). رواه مسلم في الصحيح: كتاب البيوع: باب في المزارعة والمؤاجرة: الحديث (118 - 119/ 1549).

الصفحة 921