كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 1)
كقوله تعالى: {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} (¬128)، فَإِنْ قُطِعَ بَعْضُهُ وَجَبَ غَسْلُ مَا بَقِيَ، أي غسل ما بقي لأنه من اليد، أَوْ مِنْ مِرْفَقَيْهِ فَرَأْسُ عَظْمُ الْعَضُدِ عَلَى الْمَشْهُورِ، لأنه من محل الفرض، والثاني: لا يجب؛ لأن غسل المرفق لما فيه من عظم الذراع وقد زال، أَوْ فَوْقَهُ نُدِبَ بَاقِي عَضُدِهِ، أي غسله كما لو كان سليماً لتطويل التحجيل.
الرَّابِعُ: مُسَمَّى مَسْحٍ لِبَشَرَةِ رَأسِهِ، أَوْ شَعْرٍ في حَدِّهِ، أي حد الرأس؛ لأن المسح في الآية مجمل؛ وهو ينطلق على القليل والكثير، وكل من الشعر والبشرة يصدق عليه اسم الرأس عرفًا؛ إذ الرأس اسم لما رأس وعلا؛ بخلاف الوجه؛ فإنَّه لو غسل بشرته وترك الشعر لم يجزه؛ لأن الوجه من المواجهة وذلك إنما يقع على ظاهر الشعر، وَالأَصَحُّ جَوَازُ غَسْلِهِ؛ لأنه مسح وزيادة، والثاني: لا؛ لأنه مأمور بالمسح،
والغسل ليس بمسح، وَوَضْع الْيَدِ بِلَا مَدٍّ؛ لأن المقصود وصول الماء، ولا نظر لكيفية الاتصال، والثاني: لا؛ لأنه لا يسمى مسحًا.
الْخَامِسُ: غَسْلُ رِجْلَيْهِ مَعَ كَعْبَيْهِ، للآية (¬129).
¬__________
الْمُؤمِنِ حَيْثُ بَلَغَ الْوُضُوءُ] قال القاضي عياض: والناس مجمعون على خلاف هذا، وألا يتعدى الوضوء حدوده؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: [فَمَنْ زَادَ فَقَدْ تَعَدَّى وَظَلَّمَ]. وقال غيره: كان هذا الفعل مذهبًا له، ومما انفرد به؛ ولم يحكه عن النَّبِيّ -صلى الله عليه وسلم-. وإنما اسْتَنْبَطَهُ من قوله عليه الصلاة والسلام: [أَنْتُمُ الْغُرُّ الْمُحَجَّلُونَ] ومن قوله: [تَبْلُغُ الْحِلْيَةُ] كما ذكر.
* ينظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: ج 2 ص 327 وج 4 ص 97 وج 5 ص 10 وج 6
ص 86 - 87 وج 18 ص 90، وأحكام القرآن لابن عربي: ج 2 ص 567. أما حديث جابر
فرواه الدارقطني في السنن: ج 1 ص 83 وإسناده حسن.
(¬128) آل عمران / 52 والصف / 14.
(¬129) آية الوضوء، من قوله تعالى: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة / 6]. قلتُ: وللحديث عن عبد الله بن زيد أنَّه وصف وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [فَدَعَا بِمَاءٍ فَأَكْفأ مِنْهُ عَلَى يَدَيهِ فَغَسَلَهُمَا ثَلاَثًا؛ ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَاسْتَخْرَجَهَا فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مِنْ كَفٍّ وَاحِدَةٍ، فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا؛ ثُمَّ أدْخَلَ =