كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 2)

وجهينِ، وحَكَى الفورانيُّ وابنُ الصباغ أيضًا وزاد أَنهُ يَنْبَغِي إِذَا قُلنا تُبَاعُ أنْ يَكُونَ ثَمَنُهَا بِمَنزِلَةِ قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَوْقُوفِ إِذَا تَلِفَ وصَحَّحَ الْبَغَويُّ الْمَنْعَ.
فَصْلٌ: إِن شَرَطَ الْوَاقِفُ النظَرَ لِنَفْسِهِ أَوْ غَيرِهِ اُتُّبِعَ، لأنَّهُ الْمُتَقَرِّبُ بِصَدَقَتِهِ فَهُوَ أَحَقُّ مَن يَقُومُ بِإِمْضَائِهَا وَصَرْفِهَا إلى مَصَارفِهَا وَمَنْ نَصبهُ لِذَلِكَ كَانَ أَحَق بِهِ مِنْ غَيرِهِ (¬194)، وَإِلا، أي وإنْ لم يشرط شيئًا، فَالنَّظَرُ للْقَاضِي عَلَى الْمَذْهَبِ، مجموعُ ما حكى الرافعيُّ في هذه المسألة ثلاثُ طُرُق: الأولى: أنهُ للواقفِ؛ ونقلها عن كثيرينَ. وثانيها: أنَّ فيه ثلاثَةَ أوجهٍ أحدُها: أنهُ لَهُ؛ لأنهُ لم يَصْرِفِ النظَرَ عَنْهُ، وثانيها: أنهُ للموقوفِ عليهِ لأنه المنتفعُ، وثالثها: أنهُ للحَاكِمِ لأنَّ لَهُ النظَرَ العَامَّ. الثالثة: أن يبنى على أقوال الملك والأظهر أنه لله تعالى كما تقدم، فالنظرُ للقاضي قال الرافعي: وهو الذي يقتضي كلامَ الْمُعْظَمِ الْفَتْوَى بِهِ.
فَرْعٌ: لو شرط الواقفُ النظرَ للحاكِمِ هل يُشَارِكُهُ الإمَامُ؟ فيه نظرٌ.
وَشَرْطُ النَّاظِرِ، أي وَاقِفًا كانَ أو غَيرَهُ، العَدَالةُ؛ وَالْكِفَايَةُ؛ وَالاهْتِدَاءُ إِلَى التصَرُّفِ، كما في الوصيِّ لأنهَا ولايَةٌ على الغَيرِ، وقوله: (وَالاهْتِدَاءُ إِلَى التَّصَرُّفِ) هُوَ بَيَانٌ لِمَا أجْمَلَهُ مِنَ الْكِفَايَةِ، فَإِنَّ مَنْ لَا يَهْتَدِي إِلَى التَّصَرفِ لَا يَكُونُ كَافِيًا.
فَرْعٌ: لَوْ فَسَقَ الناظرُ ثُمَّ صارَ عَدْلًا عادَتْ ولايتُهُ إنْ كانتْ لهُ بشرطِ الواقفِ، وَإِلا فَلَا؛ قالهُ المصنِّفُ في فتاويهِ.
فَرْعٌ: قبولُ المتولي ينبغي أن يجيء فيه ما في قبولِ الوَكِيلِ والموقوفِ عَلَيهِ قالهُ الرافعيُّ، وَوَظِيفَتُهُ، أي عندَ الإطلاقِ، الْعِمارَةُ وَالإجَارَةُ وَتحصِيلُ الْغَلَّةِ وَقِسْمَتُهَا، على وجهِهِ، وكذا حِفْظُ الأصولِ والغَلاتِ على الاحتياطِ، لأنَّهُ المعهودُ في مثلهِ،
¬__________
(¬194) لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَال: [المسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِم]. رواه البيهقي في السنن الكبرى: باب الصدفة على ما شرط الواقف: الحديث (12151). وأخرجه الترمذي في الجامع: كتاب الأحكام: الحديث (1352)، وقال: حديث حسن صحيح.

الصفحة 978