كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 1)

ورأيتُ في كتاب الخصال لأبي بكر الخفاف من قدماء أصحابنا: أنَّه يُحَرِّمُ السواك بما فيه سُمٌّ من العيدان، وأنه يكره بعود الريحان الذي يؤذي، إِلَا أُصْبُعَهُ فِي الأَصَحِّ، لأنها لا تسمى سواكًا، ولا هي في معناه وهذا إذا كانت متصلة، أما إذا انفصلت؛ وقلنا بطهارتها وهو الأصح، فلا يبعد الإجزاءُ بها، وإن كان دفنها على الفور واجبًا، والثاني: يحصل؛ لأحاديث فيه واردة وهو المختار (¬135). وقد اكتفى به المصنف والأصحاب في غسل الميت كما سيأتي في بابه. واحترز بإصبعه عن اصبع غيره الخشنة، فإنَّها تجزي قطعًا قاله في الدقائق (¬136).
فَائِدَةٌ: في كيفية إمساك السواك ووضعه وقدره وموضعه، قال الترمذي الحكيم: تجعل الخنصر من يمينك أسفل السواك تحته، والبنصر والوسطى والسبابة فوقه، واجعل الإبهام أسفل رأس السواك تحته كذلك السُنَّة فيه، كما روي عن عبد الله بن مسعود [وَلَا تَقْبِضِ الْقَبْضَةَ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ يُوْرِثُ الْبَوَاسِيْرَ] قال: وَابْلَعْ رِيّقَكَ أَوَّلَ مَا تَسْتَاكُ، فَإِنَّهُ يَنْفَعُ مِنَ الْجَذَامِ وَالْبَرَصِ وَكُلُّ دَاءِ سِوَى الْمَوْتِ؛ ولا تبلع بعده شيئًا فإنَّه يورث الوسوسة، ولا تمص السواك مصًا فإن ذلك يورث العمى، ولا تضع السواك إذا
وضعته بالأرض عرضًا، ولكن اِنْصِبْهُ نَصْبًا فإنَّه يروي عن سعيد بن جببر أنَّه قال:
¬__________
أحمد وأبي يعلى رجال الصحيح. إ. هـ. وحديث ابن مسعود في صحيح ابن حبان: عن زر بن حبيش: أن عبد الله بن مسعود؛ كان يجتنى لرسول الله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سواكًا من آراك.
ج 9 ص 120: باب ذكر تمثيل المصطفى - صلى الله عليه وسلم - طاعات ابن مسعود: الحديث (7029).
(¬135) عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: [تَجْزِي مِنَ السِّوَاكِ الأصَابِعُ] وعدَّهُ البيهقي ضعيفًا، وقال: وَكَذَا وَجَدْتُهُ في كِتَابِ عِيسَى بن شُعَيْبٍ: السنن الكبرى: الحديث (177) وما بَعْدَهُ. قال ابن الملقن في التحفة: ذكره الضياء المقدمي في أحكامه بإسناده؛ وقال: هذا إسناد لا أرى به بأسًا، ثم قال: رواه البيهقي. أما حديث عائشة؛ قال: [فَيُدْخِلُ إصْبِعَهُ فِي فِيهِ فَيَدْلِكَهُ] فضعيف، رواه الطَّبْرَانِي في الأوسط.
(¬136) دقائق المنهاج للنووي: ص 34؛ قال: قول المنهاج: (السِّوَاكُ عَرْضًا بِكُلِّ خَشِنٍ إِلَّا أصْبُعَهُ في الأَصَحِّ) فَالتِّقْيِيْدُ بِخَشِنٍ، وَاسْتِثْنَاءُ الأُصْبُعِ مِمَّا زَادَ الْمِنْهَاجُ؛ وَلَا بُدَّ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ: (أُصْبُعَهُ) احْتِرَازٌ مِنْ أَصْبُعٍ غَيْرِهِ، فَإِنَّهَا تَكْفِيْهِ إِذاَ كَانَتْ خَشِنَةً قَطْعًا. إنتهى.

الصفحة 98