كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 2)
نَاسٌ، فَهُمْ شُرَكَاءُ فِيهِ] وروي مرفوعًا، والموقوف أصحُّ (¬206)، وبه قال أبو يوسف في المأكول ونحوه؛ وفي الحديث الصحيح [مَا أَتَاكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ وَأنْتَ غيرُ مُشْرِفٍ وَلَا سَائِلٍ فَخُذْهُ] (¬207) فقال ابن حزمٍ الظاهري بوحوبه، وقال: قبول الهدية واجبٌ وردُّها حرام بهذا الحديث، وما أهداهُ إلى أمير الْجُنْدِ يصيرُ فيئًا للمسلمين فإنَّه يقوِّيهم، والهديةُ لسيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يملكها ويختص بها؛ لأن قوته ومنعته بالله لقوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} (¬208) فالمقصود ذاته وبركته بخلاف غيره من ولاة الأمور، ورأيتُ في فتاوى القفال: أنَّه ليس للمهدي إليه بيعُ الهدية.
¬__________
(¬206) رواه الطَّبْرَانِيّ في المعحم الكبير: الحديث (11183): ج 11 ص 85. والبيهقي في السنن الكبرى: كتاب الهبات: الحديث (12267) واللفظ له، قال: قال البخاري: لم يصحَّ ذلك. قال البيهقي في مجمع الزوائد: باب فيمن أهديت له هدية وعنده قوم: ج 4 ص 148: وفيه مندل بن عليّ وهو ضعيف، وقد وثق. وقال عن رواية الحسن بن على، وفيه يحيى بن سعيد العطار وهو ضعيف. وفي صحيح البُخَارِيّ: كتاب الهبة: باب من أهدي له هدية وعنده جلساؤه: قال البُخَارِيّ: ويُذكر عن ابن عباس أن جُلَسَاءَهُ شُرَكَاؤُهُ، ولم يصح. قال ابن حجر في الشرح: هذا حديث جاء عن ابن عباس مرفوعًا وموقوفًا، والموقوف أصح إسنادًا من المرفوع ... قال: وفي إسناده مندل بن عليّ وهو ضعيف. وقال: له شاهد مرفوع من حديث الحسن بن عليّ في مسند (إسحاق بن راهويه) وآخر عن عائشة عند العقيلي؛ وإسنادهما ضعيف أَيضًا.
(¬207) عن عبد اللهِ بن السَّعْدِيِّ قَال: أنهُ قَدِمَ عَلَى عُمَرَ في خِلَافَتِهِ؛ فَقَال عُمَرُ: ألَمْ أُحَدَّثْ أَنكَ تَلِي مِنْ أعْمَالِ النَّاس أَعْمَالًا، فَإذَا أعْطِيتَ الْعَمَالةَ كَرِهْتَهَا؟ فَقَال: بَلَى. فَقَال عُمَرُ: مَا تُرِيدُ مِنْ ذَلِكَ؟ قلْتُ: إِنَّ لَي أفْرَاسًا وَأعْبدًا وَأنَا بخَير، وَأُرِيدُ أن تَكُوْنَ عُمَالتِي صَدَقَةً عَلَى المُسْلِمِينَ. قَال عُمَرُ: لا تَفْعَلْ، فَإِنِّي كُنتُ أرَدْتُ الذِي أرَدْتَ، فَكَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُعْطِينِي الْعَطَاءَ فَأَقُولُ: أعْطِهِ أفْقَرَ إِلَيهِ مِنِّي، حَتى أعْطَانِي مَرَّةً مَالًا فَقُلْتُ: أعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيهِ مِني. فَقَال النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: [خُذْهُ فَتَمَوَّلْهُ وَتَصَدَّقْ بهِ، فَمَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ -وَأَنْتَ غَيرُ مُشْرِفٍ وَلَا سَائلِ- فَخُذهُ، وَإِلَّا فَلَا تُتْبعْهُ نَفْسَكَ].
رواه البخاري في الصحيح: كتاب الأحكام: باب رزق الحاكم والعاملين عليها: الحديث (7163 و 7164). وعند مسلم في الصحيح: كتاب الزكاة: الحديث (110/ 1045) من طريق عبد الله بن عمر. والنَّسائيّ في السنن: ج 5 ص 103 - 105.
(¬208) المائدة / 67.