كتاب عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (اسم الجزء: 2)
وَيَحْرُمُ الْتِقَاطُهُ لِتَمَلُّكِ، لقوله عَلَيهِ أَفْضَلُ الصَّلاةِ وَالسَّلامِ في ضَالَّةِ الإِبِلِ [مَا لَكَ وَلَهَا دَعْهَا] (¬211)، وَقِيسَ الباقي عليها وتدخل في ضمانه، فإنْ دَفَعَ إلى الحاكم بَرِئَ في الأصحِّ، وَإنْ وُجِدَ بقَرْيَةٍ، أي أو بموضع قريبٍ منها أو بِبَلَدٍ، فَالأَصَحُّ: جَوَازُ الْتِقَاطِهِ لِلتَّمَلُّكِ، لأنَّها في العمارة تضيعُ بتسليطِ الْخَوَنَةِ، والثاني: المنعُ كالمفازة لإطلاق الحديث، وعبارته في الروضة تبعًا للرافعي وجهان أو قولان، وهذا كله في زمن الأمْنِ، أما في زمن النَّهْبِ وَالْفَسَادِ فيجوزُ التقاطُها قطعًا؛ قاله المتولي، وَمَا لا يَمْتَنِعُ مِنْهَا كَشَاةٍ، أي وَكَسِيْرٍ وَعجولٍ وَفِصْلانٍ، يَجُوزُ الْتِقَاطُهُ لِلتَّمَلُّكِ فِي الْقَرْيَةِ وَالْمَفَازَةِ، صيانةً لها، وقد قال عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ في الشاة [هِي لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ] (¬212).
فَائِدَةٌ: الْمَفَازَةُ هِي الْمَهْلَكَة وَهِيَ مِنَ الأَضْدَادِ كَمَا قَالهُ ابْنُ الْقَطَاعِ.
وَيَتَخَيَّرُ آخِذُهُ مِنْ مَفَازَةٍ، فَإِنْ شَاءَ عَرَّفَهُ وَتَمَلَّكَهُ أَوْ بَاعَهُ؛ وَحَفِظَ ثَمَنَهُ؛ وَعَرَّفَهَا ثُمَّ تَمَلَّكَهُ أَوْ أَكلَهُ وَغَرِمَ قِيمَتَهُ إِنْ ظَهَرَ مَالِكَهُ، لأنه إذا لم يفعل ذلك وَاسْتَبْقَاهُ غيرُ متبرعٍ بِنَفَقَتِهِ ذَهَبَتْ قِيمَتُهُ في نفقته فَيَضُرُّ بالمالكِ، والخصلة الأُوْلَى أَوْلَى من الثانية، والثانية أَوْلَى من الثالثة، وقوله (وَعَرَّفَهَا) عَرَّفَ اللقَطَةَ، فإنَّ التعريف
¬__________
(¬211) عن زَيدٍ بنِ خَالِدٍ - رضي الله عنه -؛ أَنَّ أَعْرَابِيًّا سَأَلَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ اللُّقَطَةِ؛ قَال: [عَرِّفْهَا سَنَةً؛ فَإنْ جَاءَ أَحَدٌ يُخْبِرُكَ بِعِفَاصِهَا، وَوكَائِهَا؛ وَإِلَّا فَاسْتَنْفِقْ بِهَا] وَسَأَلَهُ عَنْ ضَالَّةِ الإِبِلِ، فَتَمَعَّرَ وَجْهُهُ؛ وَقَال: [مَا لَكَ وَلَهَا؟ مَعَهَا سِقاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا، تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأكُلُ الشَّجَرَ، دَعْهَا حَتَّى يَجِدَهَا رَبُّهَا] وَسَأَلَهُ عَنْ ضَالَّةِ الْغَنَمِ، فَقال: [هِيَ لَكَ؛ أَوْ لأَخِيكَ؛ أَوْ لِلذِّئْبِ]. رواه البخاري في الصحيح: كتاب اللقطة: باب مَنْ عَرَّفَ اللُّقَطَةَ: الحديث (2438). ومسلم في الصحيح: كتاب اللقطة: الحديث (5/ 1722) واللفظ له.
(¬212) عن زَيدٍ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ - رضي الله عنه -؛ قَال: جَاءَ رَجُلُ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ؟ فَقَال: [اعْرِفْ عِفَاصَهَا؛ وَوكَاءَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً؛ فَإنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا فَشَأْنُكَ بِهَا] قال: فَضَالَّةِ الْغَنَمِ؟ فَقَال: [هِيَ لَكَ؛ أَوْ لأَخِيكَ؛ أَوْ لِلذِّئْبِ]. رواه البخاري في الصحيح: كتاب المساقاة: الحديث (2372).
الصفحة 998