كتاب سنة الترك ودلالتها على الأحكام الشرعية

الإمام البخاري في صحيحه بقوله: "باب من رأى تَرْكَ النكير من النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة لا من غير الرسول" (١).
وكذلك فإن من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - أن وجوب إنكار المنكر لا يسقط عنه بالخوف على نفسه لقوله - تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: ٦٧] (٢).
وإنما يكون سكوته - صلى الله عليه وسلم - وعدم إنكاره حُجَّة فيدل على الجواز بشرطين (٣):
أ - أن يعلم - صلى الله عليه وسلم - بوقوع الفعل أو القول، فأما أن يقع ذلك بحضرته، أو في غيبته لكن ينقل إليه أو في زمنه وهو عالم به لانتشاره انتشارًا يبعد معه ألا يعلمه - صلى الله عليه وسلم -.
ب - ألَّا يكون الفعل الذي سكت عنه - صلى الله عليه وسلم - صادرًا من كافر لأن إنكاره - صلى الله عليه وسلم - لما يفعله الكفار معلوم ضرورة فالعبرة في فعل أحد المسلمين.
قال الطوفي: "نعم شرط كون إقراره حجة، بل شرط كون تَرْكِه الإنكار إقرارًا: علمه بالفعل وقدرته على الإنكار؛ لأنه بدون العلم لا يوصف بأنه مُقِرٌ أو مُنْكِرٌ، ومع العجز يدل على أنه مُقِرٌ كحاله مع الكفار في مكة قبل ظهور كلمته".
---------------
(١) صحيح البخاري (١٣/ ٣٢٣).
(٢) انظر تفسير ابن كثير (٢/ ٨١).
(٣) انظر المسودة ص (٢٩٨) وقواعد الأصول ص (٣٩) وشرح الكوكب المنير (٢/ ١٩٤).

الصفحة 48