كتاب سنة الترك ودلالتها على الأحكام الشرعية

المطلب الثاني
شروط الاحتجاج بالسُّنَّة التَّرْكِية (١)
الشرط الأول: أن يقع هذا التَّرْكُ منه - صلى الله عليه وسلم - مع وجود السبب المتقضي لهذا الفعل في عهده - صلى الله عليه وسلم - وذلك بأن تقوم الحاجة إلى فعله ويتركه - صلى الله عليه وسلم - , فَتَرْكُه - صلى الله عليه وسلم - حينئذ لهذا الفعل يُعُّد سُنَّة يجب الأخذ بها وتجب متابعته - صلى الله عليه وسلم - في تَرْكِ هذا الفعل ولكن ذلك بشرط انتفاء الموانع كما سيأتي في الشرط الثاني.
أمَّا إن انتفى السبب المقتضي ولم يوجد هذا السبب الموجب لهذا الفعل، فإنَّ تَرْكَ النبي - صلى الله عليه وسلم - حينئذ لا يكون سُنَّة؛ لأنَّ تَرْكَه كان بسبب عدم وجود المقتضي إذ لو وُجِدَ المقتضي لفعله - صلى الله عليه وسلم -.
ومن الأمثلة على ذلك: تَرْكُه - صلى الله عليه وسلم - قتال مانعي الزكاة فقط؛ إذ إن هذا الترك كان لعدم وجود السبب المقتضي، فلمَّا فعل أبو بكر - رضي الله عنه - ذلك وقاتل مانعي الزكاة فقط (٢) لم يكن مخالفًا لسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
---------------
(١) انظر مجموع الفتاوى (٢٦/ ١٧٢) واقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ٥٩١ - ٥٩٧).
(٢) انظر صحيح البخاري ص (١٤٠٦) برقم (٦٩٢٤، ٦٩٢٥).

الصفحة 67