كتاب رحلة الشتاء والصيف

ولو زيد هذا المكان يستحسن، ولو قدّم هذا لكان أجمل، ولو ترك هذا لكان أفضل، وهذا من أعظم العبر، ودليل استيلاء النقص على جملة البشر.
ما خطَّ كفُّ امرئ شيئاً وراجعهُ ... إلا وعَنَّ له تبديلُ ما فيهِ
وقال ذاك كذا أولى وذاك كذا ... وإن يكن هكذا تسمو قوافيهِ
والله تعالى المسؤول، أن يهبَّ نسيمها بالقبول، وأن يُسهِّل لنا القدرة على الإتمام، ويجعل من مسك القبول حسن الختام.
ما زال هذا البَيْنُ يسقي كأسَه ... من رقَّ من بين البريَّةِ طبعُهُ
والدَّهْرُ يقضي في الكِرَامِ بجوره ... حتَّى خلا من كلِّ حُرٍّ ربعُهُ
هذه الرحلةُ التي قَدْ تسامتْ ... وحوتْ نزهةَ الشِّتَا والصَّيْفِ
أوّلُ كأسٍ تجرعته من مرامر البين، فراق المنازل الحرمية الذي كاد يكون من سكرات الحين، بعد أن قضيت الحج ببيت الله الحرام، وتملّيت بالمآثر المحترمة الكرام، وذلك في سابع عشر محرم الحرام، افتتاح عام غلط من هجرة أشرف مرسل عدل وما قسط، صلوات الله عليه وعلى آله الميامين وعلى من قال آمين.
كان رحيلي عن طيبة عجباً ... وحادثاً من حوادث الزمنْ
من قبل أن أعرض الفراق على ... قلبي وأن أستعد للمِحنْ
فبرزت من المدينة الشريفة، والآثار الوريفة، بروز من ضل رشده، واحترق حشاه بفراقٍ قد بلغ أشدَّه.

الصفحة 9