كتاب روضة المحبين ونزهة المشتاقين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

متشاكلتين [26 ب] في أصل الخلقة، فينجذب كل منهما إلى الاخرى
بالطبع، وقد يقع الانجذاب والميل بالخاصية، وهذا لا يعلل، ولا يعرف
سببه، كانجذاب ا لحديد إلى الحجر المغناطيس. ولا ريب أن وقوع هذا
القدر بين الارواح أعظم من وقوعه بين الجمادات، كما قيل:
محاسنها هيو لى كل حسن وجمغناطيس أفئدة الرجال
وهذا الذي حمل بعض الناس على أن قال: إن العشق لا يقف على
الحسن وا لجمال، ولا يلزم من عدمه عدمه، وإنما هو تشاكل النفوس
وتمازجها في الطباع المخلوقة فيها، كما قيل (1):
وما الحب من حسن ولا من ملاحة
ولكنه شيء به الروج تكلف
قال هذا القائل: فحقيقته أنه مرآة يبصر فيها المحب طباعه ورقته في
صورة محبوبه، ففي الحقيقة لم يحب إلا نفسه وطباعه ومشاكله.
وقال بعضهم لمحبوبه: صادفت فيك جوهر نفسي، ومشاكلتها (2) في
كل أحوا لها، فانبعثت نفسي نحوك، وانقادت إليك، وإنما هويت نفسي.
(1) البيت لمحمد بن داود الظاهري في " مصارع العشاق " (2/ 58)، و" ذم ا لهوى "
(ص 2 0 3)، و" ديوان الصبابة " (ص 58 2)، و" تزيين الاسواق " (2/ 9 5). وبلا نسبة
في " التمثيل والمحاضرة " (ص 2 1 2).
(2) ت: "مشاكلها".
106

الصفحة 106