كتاب روضة المحبين ونزهة المشتاقين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

وهذا صحيح من وجه، فان المناسبة علة الضم شرعا وقدرا، وشاهد
هذا بالاعتبار: أن أحب الاغذية إلى ا لحيوان ما كان أشبه بجوهر بدنه،
و كثره مناسبة له، وكلما قويت المناسبة بين الغاذي والغذاء كان ميل
النفس إليه أكثر، وكلما بعدت المناسبة حصلت النفرة عنه، ولا ريب أ ن
هذا قدر زائد على مجرد الحسن وا لجمال، ولهذا كانت النفوس الشريفة
الزكية العلويّة تعشق صفات الكمال بالذات، فأحب شيء إليها العلم،
والتبجاعة، والعفة، وا لجود، وا لاحسا ن، والصبر (1)، والثبات؛ لمناسبة
هذه الاوصاف لجوهرها، بخلاف النفوس اللئيمة الدنية فإنها بمعزل عن
محبة هذه الصفات، وكثير من الناس يحمله على ا لجود والاحسان فرط
عشقه ومحبته له، واللذة التي يجدها (2) في بذله، كما قال المأمون: لقد
حبب إ لي العفو حتى خشيت ألا أوجر عليه [27 ا].
وقيل للامام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى (3): تعلمت هذا العلام
لله؟ فقال: اما لله فعزيز، ولكن شيء حبب إ لي، ففعلته.
وقال اخر: إني لافرح بالعطاء، وآلتذ به أعظم مما يفرح الاخذ بما
ياخذه مني.
(1) ش:"و 1 لتصبر".
(2) بعدها في ش زيادة " المحب ".
(3) "بن حنبل ... تعالى " ساقطة من ت.
107

الصفحة 107