كتاب روضة المحبين ونزهة المشتاقين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

وحدثني أخو شيخنا عبد الرحمن بن تيمية عن أبيه، أنه (1) قال: كان
ا لجد إذا دخل الخلاء يقول لي: اقرأ في هذا الكتاب، وارفع صوتك
حتى أسمع.
وأعرف من أصابه مرض من صداع، وحمى، وكان الكتاب عند
رأسه، فاذا وجد إفاقة؛ قرأ فيه، فاذا غلب؛ وضعه، فدخل عليه الطبيب
يوما وهو كذلك، فقال: إن هذا لا يحل لك، فانك تعين على نفسك،
وتكون سببا لفوات مطلوبك.
وحدثني شيخنا قال: ابتدأ بي مرض، فقال لي الطبيب: إن مطالعتك،
وكلامك في العلم يزيد المرض. فقلت له: لا أصبر عن (2) ذلك، وأنا
أحاكمك إلى علمك: أليست النفس إذا فرحت وسرت قويت الطبيعة،
فدفعت المرض؟ فقال: بلى! فقلت له: فإن نفسي تسر بالعلم، فتقوى به
الطبيعة، فأجد راحة. فقال: هذا خارج عن علاجنا، أو كما قال.
فعشق صفات الكمال من أنفع العشق وأعلاه، [27 ب] وانما يكون
بالمناسبة التي بين الروج وتلك الصفات، ولهذا كان أعلى الارواح
وأشرفها أعلاها و شرفها معشوقا، كما قيل (3):
(1) " أنه " ساقطة من ش.
(2) ش: " على ".
(3) البيت لابن الفارض قي "ديوانه " (ص 0 9).
109

الصفحة 109