كتاب روضة المحبين ونزهة المشتاقين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

المقيم بلذة ساعة تذهب شهوتها، وتبقى شقوتها.
هذا وإن من أيام اللذات لو صفت للعبد من أول عمره إلى اخره
لكانت كسحابة صيف تتقشع عن قليل (1)، وخيال طيف ما استتم الزيارة
حتى آذن بالرحيل.
قال الله تعالى: < أفؤشإن متسن! ثؤجا صم ماكانوا
يوعاون! مآ أغق تهم ماكانوا يمثعون > [الشعراء/ 5 0 2 - 7 0 2]، ومن ظفر
بمأموله من ثواب الله، فكانه لم يوتر (2) من دهره ما كان يحاذره
ويخشاه، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتمثل بهذا البيت:
كانك لم توتر (3) من الدهر مرة إذا أنت أدركت الذي أنت طالبه
فصل
وهذا ثمرة العقل الذي به عرف الله سبحانه وتعالى، وأسماؤه،
وصفات كماله، ونعوت جلاله، وبه امن المؤمنون بكتبه ورسله ولقائه
__________
(1) اشارة إلى شطر بيت: سحابة صيف عن قليل تقشع
وهو لابن شبرمة في " البيان والتبيين " (3/ 46 1)، و" عيون الاخبار" (1/ 56)،
و" أدب الدنيا والدين " (ص 0 4). وتمثل به خالد بن صفوان كما في "العقد
الفريد" (4/ 36)، و" مجمع الامثال " (1/ 4 34).
(2) ش: " لم يوثره " تحريف.
(3) ش: " توثر".
11

الصفحة 11