كتاب روضة المحبين ونزهة المشتاقين - ط عالم الفوائد (اسم الجزء: 1)

الحرير، و عاضهم منه أنواع الملابس الفاخرة من الصوف والكتان
والقطن، وحرم عليهم الزنا واللواط، وأعاضهم منهما بالنكاح والتسري
بصنوف النساء الحسان، وحرم عليهم شرب المسكر، و عاضهم عنه
بالاشربة اللذيذة النافعة للروج والبدن، وحرم عليهم سماع آلات اللهو من
المعازف والمثاني، و عاضهم عنها بسماع القرآن العظيم والسبع المثاني،
وحرم عليهم الخبائث من المطعومات، و عاضهم عنها بالمطاعم [5 ب]
الطيبات.
ومن تلمح هذا وتأمله هان عليه ترك الهوى المردي، واعتاض عنه
بالنافع المجدي، وعرف حكمة الله ورحمته وتمام نعمته على عباده فيما
امرهم به ونهاهم عنه و باحه لهم (1)، وأنه لم يامرهم بما أمرهم به حاجة
منه إليهم، ولا نهاهم عما نهاهم عنه بخلا منه عليهم، بل أمرهم بما
امرهم إحسانا منه ورحمة، ونهاهم عما نهاهم عنه صيانة لهم وحمية.
فلذلك (2) وضعنا هذا الكتاب وضع عقد الصلح بين الهوى والعقل،
وإذا تم عقد الصلح بينهما سهل على العبد محاربة النفس والشيطان، والله
المستعان، وعليه التبكلان. فما كان فيه من صواب فمن الله، فهو الموفق له
والمعين عليه، وما كان فيه من خطأ فمني ومن الشيطان، والله ورسوله من
ذلك بريئان.
(1) "و باحه لهم" ساقطة من ش.
(2) ت: " ولذلك ".
19

الصفحة 19